مدينة اللبَّانين” التركية.. من هنا يبدأ إنتاج أجود أنواع السحلب في العالم
منة جميل – الجزيرة نت21/7/2020
ينتظر الأتراك وغيرهم ممن يزورون تركيا، فصل الشتاء سنويا لتناول مشروب السحلب الشعبي، الذي يعتبره الأتراك رفيق الليالي الباردة.
ولا تقتصر شهرة السحلب التركي فقط على مذاقه المميز والطازج بل يضيف التقليد الذي يقدم من خلاله هذا المشروب إلى العامة سحرا إلى جودة مذاقه.
- Advertisement -
كيلومترات عدة وشهور تقطعها زهرة الأوركيد البرية، المكون الرئيسي لهذا المشروب والمعروفة باسم نبات السحلب، حتى تصل إلى محبيها في كأس دافئة يسكب من جرة نحاسية عتيقة، خلال ليالي الشتاء.
في جنوب غربي تركيا، وتحديدا بمدينة “سوتشولير” (Sütçüler) -“اللبَّانين ـ منتجي الحليب”- تزهر الأوركيد البرية لتطوف فيما بعد جميع أنحاء البلاد، وهي رحلة تقطعها النبتة سنويا، بدءا من أبريل/نيسان وحتى بداية فصل الشتاء.
ويصف منتجو مسحوق السحلب في تركيا هذه الرحلة بأنها “التجارة المرة للمشروب الحلو”، إذ تبدأ عملية جمع زهور الأوركيد في الفترة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، لتتبعها مرحلة التجفيف التي تستمر نحو ستة أشهر، ليكون المسحوق جاهزا للاستخدام وإنتاج المشروب الشعبي.
وبشكل عام، يستخدم جذر ودَرَنات الأوركيد البري، ويتم غمرهما بالحليب أو الماء المغليين لفترة قصيرة من الزمن، قبل أن تترك لتجف وطحنها فيما بعد من أجل التخزين أو الاستعمال الفوري.
علاقة تاريخية
ورغم استبعاد المسؤولون الأتراك -ومنهم عمدة مدينة “سوتشولير”- الأسبق، حسين موفتي أوغلو، ارتباط تسمية المدينة بذلك الاسم إلى أي صناعات مرتبطة بالألبان أو السحلب، إلا أن مواطني “مدينة اللبَّانين” يؤكدون أن آباءهم لم يكونوا يعملون سوى في بيع الألبان وإنتاج مشروب السحلب.
- Advertisement -
وقال رضوان أرتان، أحد سكان “سوتشولير” للجزيرة نت إنّ “بيع السحلب مهنة أساسية في المدينة منذ زمن، وسبقها بيع الألبان”، نافيا بذلك فكرة عدم ارتباط اسم المدينة بمهنة أبنائها.
وأضاف أن الكثير من أبناء “سوتشولير” ينتقلون إلى مدينة إسطنبول بدءا من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، لبيع السحلب.اعلان
غير أنه في المقابل، أشاد بجودة السحلب الذي يتم إنتاجه في مدينة “بوجاك” التي تبعد نحو 80 كيلومترا عن “سوتشولير”.
وتابع “سحلب بوجاك يتفوق على الذي ينتج في سوتشولير من وجهة نظري، تلك البلدة رغم أنها غير مشهورة على نطاق السياحة في تركيا، كما لا تحمل اسما غريبا، إلا أنها الأفضل في إنتاج السحلب”.
مشروب ساحر
سحرت الأوركيد البشرية منذ أكثر من 3 آلاف عام، ليس فقط بجمالها ولكن أيضا بقوتها الطبية. وتشير الروايات التاريخية إلى ريادة استخدام الأوركيد في صناعة المشروبات إلى الرومانيين، ويقال إن الرومانيين طحنوا بصيلة الأوركيد وصنعوا منها مشروبا كانوا يصنفونه “منشطا جنسيا”.
لكن تتفق الروايات على أن السحلب بالشكل المتعارف عليه الآن والمكون من مسحوق السحلب والحليب أو الماء، كان شائعا في أراضي الإمبراطورية العثمانية، قبل أن ينتشر بعد ذلك في إنجلترا وألمانيا وقبل صعود القهوة والشاي بهما. وعرف السحلب في إنجلترا باسم “سالوب”، وكان شائعا خلال القرنين الـ 17 و18.
وبجانب كون السحلب مشروبا ناعما ودافئا، فهو يحمل العديد من الفوائد الطبية ولا سيما عند تناوله مع الزنجبيل أو القرفة، فيتمتع بقوة شفاء من مشاكل الجهاز التنفسي، بينها التهاب الشُّعَب الهوائية والسعال. كما لديه قدرة على تعزيز نشاط القلب والعقل، ووقف الإسهال.
المصدر : الجزيرة
التعليقات مغلقة.