يكاد الإجهاد يُصبح سمة الحياة العصرية، ويظهر أثره السلبي على كل شيء من جودة النوم إلى صحة البشرة ونضارة الوجه.
وأكدت البحوث أن الجلد عضو عصبي للغاية، وجهاز استشعار أساسي للتأثيرات الخارجية، بما فيها الحرارة والبرودة والألم والتوتر، لذلك يُعد هدفا للتأثيرات السلبية للإجهاد والضغط المزمن، بصفته أكبر عضو في الجسم، يقوم بوظيفة الحاجز المناعي المهم للحفاظ على التوازن بين البيئة الخارجية والأنسجة الداخلية لأجسامنا.
وتقول الدكتورة سنام حفيظ أستاذة في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة “الإجهاد المطوّل قد يؤدي إلى الشيخوخة المبكّرة، إلى درجة تجعل الأشخاص يبدون أكبر بـ 5 أو 10 سنوات؛ ويظل الإجهاد مُلقيا بظلاله على وجوههم، على الرغم من الكريمات وعمليات التجميل مادام التوتر موجودا ولم يتمكنوا من إجراء تحسينات على حياتهم”.
علامات الوجه المُجهد
لا يقتصر تأثير التوتر والإجهاد على صحتنا العقلية فقط، فقد أظهرت الدراسات أن الجلد يستجيب للإجهاد بشكل إيجابي، وينتج عنه مجموعة من الأعراض التي قد تظهر على وجوهنا في صور عدة، أهمها:
- بثور:
هناك اعتقاد شائع بأن التوتر والإجهاد يؤديان إلى تفاقم حَب الشباب، الذي يرتبط بزيادة القلق والاكتئاب، بما يتركه من ندبات تؤثر سلباً على الصورة الذاتية. ويصيب نحو 9% من سكان العالم (85% ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و24 عاماً).
وأجريت دراسة في أستراليا عام 2001، حدد فيها 67% من طلاب السنة النهائية بكلية الطب جامعة ملبورن الإجهاد كعامل أساسي لتفاقم حب الشباب لديهم.
وتوصّلت دراسة جماعية، أجريت في سنغافورة عام 2007، إلى وجود ارتباط واضح بين مستويات التوتر وشدّة حب الشباب.
- بشرة جافة
الإجهاد يستهدف طبقة الجلد الخارجية، أو “الحاجز المسؤول عن حبس الرطوبة في بشرتنا” -كما تقول ميشيل غرين المتخصصة في الأمراض الجلدية بمدينة نيويورك- مما يؤدي إلى تآكلها، ويمنعها من الاحتفاظ بالرطوبة، ويجعلها جافة ومجهدة، تنتهي بوجه متقشر ومثير للحكة.
- طفح جلدي
أظهرت بحوث أجريت عام 2018 أننا “نكون أكثر عرضة للإصابة بالحكة، والطفح الجلدي الجاف، وحتى قشرة الرأس، عندما يكون مستوى التوتر لدينا مرتفعا (..) ويمكن أن يؤدي الإجهاد إلى زيادة إنتاج الزيت بأنحاء الجلد، بما في ذلك فروة الرأس” وفق غرين.
- هالات سود
على الرغم من أن الهالات السود، تحت العينين، عادة ما تحدث بسبب عوامل السن والوراثة، فإن نمط الحياة المُفعم بالإجهاد والتوتر، جراء ضغط العمل، أو المشكلات العائلية، أو الإرهاق الذهني، أو اضطراب النوم، يمكن أن يُلقي بظلاله، ويُفسد الجلد الرقيق حول العين أيضاً.
- انتفاخات تحت العين
الجلد حول العينين رقيق للغاية، وأشارت دراسة أجريت عام 2013، إلى أن الإرهاق قد يتسبب بتدلي الجفنين وتورّم العينين. كما أن الأرق الناتج عن الإجهاد قد يؤثر على مرونة البشرة ويؤدي إلى انتفاخات تحت العين.
- تجاعيد
حيث “تساهم تعابير الوجه المرتبطة بالتوتر في ظهور التجاعيد” كما يقول جون كوينطبيب التجميل.
وتضيف دومينيك أنتيغليو، خبيرة في مركز “بيسوفرو” الصحي أن “إجهاد الوجه يمكن أن يظهر على شكل حواجب مجعّدة أو شفاه متوترة أو فك مشدود ومتوتر”.
فالرابط واضح جداً بين الإجهاد الذهني والخطوط العمودية التي تظهر بين الحاجبين أوقات العبوس أو الغضب، إذ يُسرّع من ظهور الخطوط الدقيقة والتجاعيد “بتأثير من هرمون التوتر الذي يتسبب بتكسير الكولاجين الذي يحافظ على مرونة البشرة وثباتها” بحسب غرين.
فكلما زاد العبوس أو حتى تجعّدت الحواجب في تفكير عميق تشكلت هذه التجاعيد بشكل أعمق.
- أسنان عُرضة للتلف، يوضح الدكتور كوين أنه “يمكن أن يحدث الضغط على الفك أو صرير الأسنان جراء الإجهاد، وهي حالة يمكن أن تؤدي إلى تغيير شكل الوجه، وحتى إلى إتلاف الأسنان”. فقد ارتبط الضغط على الفك وطحن الأسنان من دون وعي بالإجهاد والتوتر بشكل واضح، وأصبح علامة على “الوجه المجهد”، بما له من تأثيرات سيئة؛ تتمثل في آلام الفك، وتشققات الأسنان، وتآكل المينا، وصولاً إلى تغير شكل الجزء السفلي من الوجه، إذ يتّسع الفك ببطء حتى يتحوّل من مدبب إلى مربع.
- شيب مُبكر وشعر ضعيف
فتساقط الشعر غالباً ما ينجم عن الإجهاد الشديد، ويقول الدكتورة غرين “الضغوط البسيطة يمكن أن تتسبب بتساقط الشعر” لكن الخبر السار أن خصلات الشعر قد تعود إلى طبيعتها بمجرد معالجة التوتر.
وتضيف غرين “الإجهاد قد يتسبب ببقع دائمة من الجلد الداكن أو الخشن، بالإضافة إلى فقدان الخلايا الصبغية في بصيلات الشعر، حتى تتحول إلى اللون الرمادي”.
ووجدت دراسة أجريت عام 2020 أن الإجهاد الذهني يقتل الخلايا الصبغية المسؤولة عن لون الشعر، والتي بمجرد اختفائها، يمكن أن يتحول شعر الطفل نفسه إلى اللون الأبيض.
خطوات استعادة التوهج وتقليل التوتر
لأن الإجهاد جزء لا يتجزأ من الحياة، فلا بد من إيجاد طرق صحية للمساعدة في تقليل توتر الوجه، والحفاظ على توهجه، كتخصيص وقت للاسترخاء. تقول أنتيغليو “بعد فترة راحة، سنلاحظ فجأة كيف أصبح وجهنا ناعما ويبدو أصغر سنا لأن عضلاته حصلت على وقت للاسترخاء”.
وأشارت بحوث إلى وجود علاقة عكسية بين التوتر، والأكل الصحي، والنشاط البدني، والتقليل من الإرهاق، والحصول على قسط كاف من النوم، واقتناص فرص الابتهاج، من خلال التواصل الاجتماعي والاستمتاع بالضحك، لتعزيز هرمون الإندورفين الذي يمكن أن يخفف من التوتر، ويعزز المشاعر الجيدة، ويمنح شعوراً بالراحة.
التعليقات مغلقة.