تكاد تكون أفلام الجريمة، على اختلاف أنواعها سواء كانت أفلام أكشن أو بوليسية تعتمد على الإثارة والتشويق، هي الأعلى إقبالا من قبل المشاهدين، وقد تصدت عديد من المرجعيات النقدية والسينمائية لتحديد الأفضل في هذا النوع من الأفلام، واختلفت في ما بينها على عدد قليل من الأفلام وبشأن ترتيب المجموعة المختارة التي لا يستطيع أحد الاختلاف بشأنها.
ولأن جائزة الأوسكار هي الأهم لتحديد مدى جودة العمل، فإن حصول أي فيلم عليها هو اعتراف كاف تماما بتميزه واعتباره إنجازا سينمائيا.
لكن المهم أن ندرك أن معيار الأفضلية في الفيلم لا يتعلق بالمتعة السينمائية، ولا يرتبط بالجريمة أو نوعها، فهي في كل الأحوال خروج غير مقبول على قيم وقانون المجتمع، وبالتالي فإن السيناريو والموسيقى التصويرية وإيقاع الفيلم وغيرها من العناصر الفنية هي التي تحدد إذا ما كان الفيلم جميلا أم لا.
ومن بين العديد من الاختيارات، ترصد الجزيرة اختيارات الأوسكار لـ10 من أفضل أفلام الجريمة وفقا لجماليات السينما التي تحتويها.
1- “العراب” (The Godfather)
فيلم “العراب” (1972) هو فيلم جريمة مقتبس من رواية ماريو بوزو التي تحمل الاسم نفسه عام 1969، وتدور أحداثه حول العائلة الصقلية التي يرأسها فيتو كورليوني.
يرصد الفيلم الوحشية التي تمارس بها العصابة أعمالها، لكنه على التوازي يتابع تطور شخصية مايكل كورليوني الشاب المتردد، وكيفية صعوده للسلطة.
لم يحدث أن تمت معالجة أفراد العصابات والأجواء الداخلية لها بهذا العمق قبل أن يتناولها فرنسيس فورد كوبولا الذي رصد الشخصيات المعقدة، وألقى الضوء على العلاقات الحاكمة لسلوك العصابات مع بعضها بعضا.
ويتربع الجزء الأول من “العراب” على القمة بين أفلام الجريمة في تاريخ السينما العالمية حتى الآن، وحصل على 3 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل سيناريو.
وأخرج فرنسيس فورد كوبولا الفيلم وكتب السيناريو بالمشاركة مع الروائي ماريو بوزو، أما البطولة فكانت لكل من مارلون براندو وآل باتشينو وجيمس كان.
2- “فارس الظلام” (The Dark Knight)
يرى عديد من النقاد أن “فارس الظلام” (2008) هو الأفضل بين أفلام باتمان، وهو فيلم بطل خارق شجاع تصعب مقارنته بغيره من الأبطال الخارقين، مثل “سوبرمان” أو “الرجل الحديدي”.
يروي المخرج كريستوفر نولان قصة مؤثرة عن كيفية تعاون باتمان مع المحامي هارفي دينت وملازم الشرطة جيمس جوردون للحد من الجريمة في غوثام، إلا أنها لا تنجح عندما يتدخل شرير غامض يُعرف باسم الجوكر.
يحتوي الفيلم على شخصيات مدهشة وجذابة، وعلى “أكشن” جريء وسلس مع مؤثرات بصرية مناسبة، ويبحر في الدراما، لكنه لا يجيب عن الأسئلة الأخلاقية، ويترك المشاهد قلقا بشأنها، ولعل ذلك هو السبب الأهم لاستمرار احتلاله لمكانته ثاني أفضل أفلام الجريمة شعبية في العالم.
حصل “فارس الظلام” على جائزتي أوسكار: أفضل ممثل للراحل هيث ليدجر وأفضل صوت.
وأخرج كريستوفر نولان الفيلم وكتب السيناريو بالمشاركة مع جوناثان نولان وديفيد كوبر، من بطولة كريستيان بيل والممثل الراحل هيث ليدجر وآرون إيكهارت.
3- “ليون: المحترف” (Léon: The Professional)
تدور أحداث الفيلم (إنتاج 1994) حول القاتل المحترف ليون، الذي يهتم بفتاة صغيرة بعد أن قام مجموعة من عملاء إدارة مكافحة المخدرات بقتل عائلتها بأكملها. يرتبط الثنائي الغريب برغبة الفتاة الصغيرة في الانتقام، ويعلمها القاتل كل شيء تحتاج إلى معرفته.
قدم المخرج تحليلا رائعا لمدى تعقيد العلاقات الإنسانية، وكشف عن بذرة الخير المغروسة عميقا في قلب قاتل، وذلك بلغة بصرية رائقة وجميلة.
قدمت الطفلة ناتالي بورتمان أداء مدهشا في العمل، وتكاد تكون على القدر نفسه من الإتقان مع جاري رينو.
فاز “ليون: المحترف” بـ3 جوائز سيزر وهي المعادل الفرنسي لجوائز الأوسكار الأميركية.
كتب الفيلم وأخرجه الفرنسي لوك بيسون، من بطولة جان رينو، وجاري أولدمان وناتالي بورتمان.
4- “مدينة الرب” (City of God)
هو فيلم ملحمي عن الجريمة (إنتاج 2002)، نال استحسان النقاد، واقتحم هوليود قادما من الأرجنتين ليحتل مكانة رفيعة بين أفضل الأفلام.
تجري أحداث الفيلم حول حي فقير في ريو دي جانيرو، ويصور الفيلم نشاطا إجراميا وظروفا معيشية سيئة وعنفا مستمرا في منطقة فقيرة في ريو دي جانيرو.
وتدور أحداثه حول مصور شاب وطموح نشأ هناك، يقرر أن يكون هدفه توثيق الأحداث المهمة وإظهار تلك التفاصيل للعالم.
ويحتوي الفيلم أكثر من مستوى للفهم والقراءة، لكن طريقة صناعة الفيلم والتصوير المخيف لمجموعة من البائسين يقتتلون ويدمرون بعضهم بعضا صادمة من دون شك، وتعبر عن مدى فظاعة الحي المدعو “مدينة الرب”.
إيقاع الفيلم لاهث لا يترك مساحة لالتقاط الأنفاس، ذلك أنه ما إن تنتهي جريمة حتى تلحق بها أخرى.
وحصل “مدينة الرب” على 4 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم، وأفضل مونتاج، وأفضل سيناريو مقتبس، وأفضل تصوير.
أخرج الفيلم كل من فرناندو ميريليس وكاتيا لوند، وكتب السيناريو كل من باولو لينز وبراوليو مانتوفاني، والفيلم من بطولة ألكسندر رودريغز، ولياندرو فيرمينو، وماتيوس ناتشترغيل.
5- “الميل الأخضر” (The Green Mile)
الفيلم (إنتاج 1999) مقتبس من إحدى روايات ستيفن كنغ، وتدور حول سجين محكوم بالإعدام بعد ارتكابه جريمة قتل فتاتين صغيرتين، تتكشف مواهبه الخارقة في السجن، وهو ما يدفع مأمور السجن للتساؤل عما إذا كان قد ارتكب -بالفعل- الجريمة المزعومة أم لا.
فيلم مؤلم يتتبع بدقة تلك الشخصية التي تملك شكلا مخيفا وقلبا بريئا، وهو ما يدفع المحيطين به إلى التعلق به وإنشاء علاقة صداقة معه.
فاز “الميل الأخضر” بـ4 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم، وأفضل ممثل مساعد، وأفضل مكساج، وأفضل سيناريو مقتبس.
الفيلم أخرجه فرانك دراربونت، وكتب السيناريو بالاشتراك مع ستيفن كنغ، ومن بطولة توم هانكس، ومايكل كلارك دنكان، وديفيد مورس.
6- “صمت الحملان” (The Silence of the Lambs)
تحول فيلم “صمت الحملان” (1991) إلى ظاهرة، وأثار ضجة جماهيرية ونقدية نظرا لنوع الجريمة التي رصدها، والإتقان الذي حوله إلى تحفة فنية لا تشبه غيرها.
“صمت الحملان” مقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب توماس هاريس، وتدور أحداثه حول كلاريس ستارلينغ، متدربة عديمة الخبرة في مكتب التحقيقات الفدرالي تحاول القبض على قاتل متسلسل، وتحاول الحصول على المساعدة من قاتل متسلسل آخر وآكل لحوم بشر مسجون هو الدكتور هانيبال ليكتر، وسرعان ما يستخدم الدكتور ليكتر مهاراته في التلاعب من أجل تحقيق رغباته الخاصة.
أبحر صناع هذا العمل في علم النفس بشكل غير مسبوق، وخاصة لدى أولئك الذين يرتكبون جرائم غير معتادة، وهو ما مكنهم من نسج قصة مثيرة تحتوي على شخصيات شديدة التعقيد.
تحقق رحلة المتدربة المسكينة في أثناء مواجهتها لآكل لحوم البشر قدرا من الإثارة بقدر ما تحقق من القلق والخوف.
وحقق “صمت الحملان” رقما قياسيا وفاز بـ7 جوائز أوسكار، هي أفضل فيلم، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وأفضل مخرج، وأفضل مونتاج، وأفضل سيناريو مقتبس، وأفضل مكساج.
الفيلم من إخراج جوناثان ديمي، وكتبه توماس هاريس وتيد تالي، من بطولة جودي فوستر وأنتوني هوبكنز ولورانس بوني
7- “الراحل” (The Departed)
ضابط شرطة يتسلل إلى داخل عصابة، ومجرم يتسلل إلى داخل جهاز الشرطة، إنهما نقيضان في عالم الجريمة.
يرصد فيلم “الراحل” (2006) العلاقة بين الرجلين في شوارع بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية، وفي إطار من الإثارة.
يتسلل كل من الرجلين إلى المجموعة المعادية له ولما يمثله، لكن ثمة من يبحث وراءهما من كل جهة لكشف الجاسوس، لكن الجاسوسين لا يترددان في السعي العنيف نحو أهدافهما.
حصل فيلم “الراحل” على 5 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل مساعد، وأفضل مونتاج، وأفضل سيناريو مقتبس.
مخرج الفيلم هو مارتن سكورسيزي، وكتبه وليام موناهان وآلان ماك وفيليكس تشونغ، من بطولة ليوناردو دي كابريو ومات ديمون وجاك نيكلسون.
8 – “سبعة ” (Se7en)
بقدر ما يبدو المخرج ديفيد فينشر جادا في مظهره وأعماله، فإن أفلامه توحي أن وراء صناعتها طفلا يلعب “بازل” (تركيب اللوحة المقطعة). يقوم بتمزيق أوصال القصة والشخصيات والخطوط الدرامية، ويبعثرها، ومن ثم يقوم بجمعها وإعادة تركيبها.
يدور فيلم “سبعة” (1995) حول سلسلة من جرائم القتل. يحاول اثنان من المحققين المختلفين تماما العثور على القاتل. أحد المحققين محبط والآخر متغطرس، لكنهما يضطران للعمل معا، خاصة أن القاتل يتعامل من خلال منظومة عقائدية، فهو يستخدم الخطايا السبع المميتة كدافع أو مصدر إلهام لعرض مشاهد مروعة بعد عمليات القتل البشعة التي يقوم بها.
يتميز الفيلم بالسيناريو الرائع لأندرو ووكر والمشاهد المكتوبة بدقة والمدروسة جيدا.
فيلم “سبعة” لا يزال يجذب المشاهدين من الأجيال الجديدة، ويستخدمونه في الميمز على مواقع التواصل الاجتماعي.
حصل فيلم “سبعة” على جائزة أوسكار واحدة للمونتاج.
والفيلم للمخرج ديفيد فينشر وسيناريو أندرو ووكر، وبطولة مورغان فريمان وبراد بيت وكيفن سبيسي.
9- “لب الخيال” (Pulp Fiction)
صنع هذا الفيلم اسم كوانتين تارانتينو كأحد كبار مخرجي هوليود الآن، وصاحب البصمة المميزة في مجموعة أفلام تعد من بين الأكثر إتقانا في تاريخ الصناعة.
في هذا العمل يطلق تارانتينو العنان للجريمة الوحشية في عالم يبدو للوهلة الأولى بلا قانون.
يدور “لب الخيال” (1994) في إطار مجموعة من الحكايات المتداخلة، فهناك حكاية حقيبة مفقودة يبحث عنها اثنان من رجال العصابات، وهناك استعادة لتاريخ أشهر قاتلين في الولايات المتحدة المعروفين بـ”بوني وكلايد”، وأيضا قصة حول حماقات زوجة أحد زعماء العصابات أوصلتها لحافة الموت في أثناء قضائها سهرة في ملهى ليلي.
تدور الأحداث في لوس أنجلوس، تلك المدينة الروائية التي جمعت في الأفلام دائما ملائكة وشياطين في صراعات لا تنتهي.
تارانتينو الذي كتب السيناريو أيضا، قدم من خلال فيلمه إبداعا في نسج القصص وتداخلها معا بشكل مقنع وسلس، لكنه انطلق بإسقاطاته إلى ما يتجاوز العمل عبر القاتل الذي يستبق رصاصاته في قلوب ضحاياه بآية من الإنجيل.
فاز “لب الخيال” بـ7 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل، وأفضل ممثل مساعد، وأفضل ممثلة مساعدة، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل مونتاج
مخرج “لب الخيال” ومؤلفه هو كوينتن تارانتينو مع روجر أفاري والبطولة لصمويل جاكسون، وجون ترافولتا، وإيما ثورمان.
10 – “رفاق طيبون” (Goodfellas)
التحدي الحقيقي لكل السينمائيين الكبار في هوليود، حتى أولئك الذين لا يحتاجون إلى برهان على قدراتهم، هو فيلم “العراب” لفرنسيس فورد كوبولا، وقد حانت الفرصة للمخرج مارتن سكورسيزي حين لفت نظره رجل العصابات الأميركي هنري هيل، فقرر أن يتتبع رحلة صعوده إلى قمة عالم الجريمة منذ عام 1955 وحتى عام 1980.
سكورسيزي المشغول دائما بالقوة السياسية وعلاقتها بالقوى الإجرامية، ألقى الضوء في هذا العمل على تطور الشخصية وبنية العلاقات الإنسانية بين رجال عصابات يعد المسدس هو أسهل الحلول لديهم لأي مشكلة.
فاز فيلم “رفاق طيبون” (1990) بـ6 جوائز أوسكار هي أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل مساعد، وأفضل ممثلة مساعدة، وأفضل سيناريو مقتبس، وأفضل مونتاج.
وأخرج مارتن سكورسيزي فيلم “رفاق طيبون” وكتبه بالاشتراك مع نيكولاس بيلجي، من بطولة روبرت دي نيرو وراي ليوتا وجو بيسكي.
التعليقات مغلقة.