“فايسبوك” يتشبّه بـ”تيك توك” والموظّفون قلقون… كيف سيصبح؟
تلقّى موظفو “فايسبوك” مؤخّراً توجيهاً جديداً له آثار واسعة النطاق جعل موجز التطبيق أقرب إلى “تيك توك”. إنّ مجرّد إحضار ميزة “ريلز”، وهي ميزة الفيديو القصير، من “إنستغرام” إلى “فايسبوك” لن يكفي، فقد كان التنفيذيون يتتبّعون عن كثب تحركات “تيك توك”، وكانوا قلقين من أنهم لم يفعلوا ما يكفي لمنافستها. وفي محادثات مع الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ في وقت سابق من هذا العام، قرّر المسؤولون أنّ “فايسبوك” بحاجة إلى إعادة التفكير في شكل الموجز بالكامل.
في مذكرة داخلية من أواخر نيسان (أبريل) حصلت عليها “ذا فيرج“، أوضح المدير التنفيذي المسؤول عن “فايسبوك” في شركة “ميتا” توم أليسون الخطة: “بدلاً من إعطاء الأولوية للمنشورات من الحسابات التي يتابعها المستخدمين، فإنّ موجز “فايسبوك” الرئيسي سيبدأ في التوصية بالمنشورات بغض النظر عن مصدرها، تماماً مثل “تيك توك”. وبعد سنوات من فصل “مسنجر” و”فايسبوك” كتطبيقين مستقلّين، ستتم إعادة الاثنين معاً، لتقليد وظائف المراسلة في “تيك توك”.
- Advertisement -
إلى جانب التركيز المتزايد على “ريلز”، تُظهر التغييرات المخطّط لها كيف ستتصرّف “ميتا” استجابة لازدياد شهرة “تيك توك”، الذي أصبح منافساً قويّاً لهيمنة “فايسبوك” على وسائل التواصل الاجتماعي. في حين أن “إنستغرام” قد تحوّلت بالفعل لمنصّة شبيهة بـ”تيك توك”، من خلال تركيزها على “ريلز”. وبذلك، يأمل المسؤولون التنفيذيون بجذب الشباب للعودة إلى “فايسبوك” من خلال تغييره ليصبح مثل لـ”إنستغرام”، أو بمعنى آخر؛ أقرب إلى “تيك توك”.
- Advertisement -
هذه ليست المرّة الأولى التي تقوم فيها الشركة بخطوة مماثلة، فقامت “فايسبوك” سابقاً بنسخ تطبيق “سناب شات” لأنّه كان ينمو سريعاً، ولكن المخاطر هذه المرّة أكبر، إذ يشكّك المستثمرون في قدرة “ميتا” على التغلّب على التحديات التي تواجه نشاط إعلاناتها، ومع تعرض سعر سهمها للانهيار، تحتاج الشركة إلى إظهار قدرتها على النمو إذا أراد زوكربيرغ الاستمرار في تمويل رؤيته، المتمثّلة بالميتافيرس.
ورأى توم أليسون أنّ الفشل في التطوّر هو الخطر بالنسبة للشركة، وفق ما ورد في المذكّرة الداخلية.
وقال في مقابلة مع موقع “ذا فيرج” إنّ الهدف الجديد لـ”فايسبوك” هو بناء “محرّك الاكتشاف”، وهي عبارة تمّ ذكرها أيضاً كأولوية قصوى من قبل الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ، خلال مكالمة الأرباح الأخيرة التي أجرتها “ميتا” مع المستثمرين.
وخلال المقابلة، أقرّ أليسون أنّ الشركة كانت بطيئة في رؤية التهديد التنافسي لـ”تيك توك”، حتّى حين بدأت تنافس “فايسبوك” و”إنستغرام” بالإعلانات. أمّا الآن، فترى “ميتا” بوضوح أنّ تطبيق الفيديو “يتعدّى” على مجالها الرئيسي في عالم التواصل الاجتماعي، مع الإشارة إلى الأهمية المتزايدة للرسائل الخاصة في “تيك توك”. إذ “يعتقد أن الشيء الذي ربما لم يتبنّوه أو يروه هو كيف يمكن أن يكون هذا الشكل من وسائل التواصل اجتماعيّاً”.

كيفيّة عمل تطبيق “فايسبوك” المستقبلي
سيصبح الموجز الرئيسيّ مزيجاً من القصص والـ”ريلز” في جزئه العلويّ، تليها المنشورات التي توصي بها الخوارزميات عبر كلّ من “فايسبوك” وإنستغرام”. وستكون مملوءة بمقاطع الفيديو، مع طرق أسهل لمشاركتها مع الأصدقاء.
وتعمل “فايسبوك” على وضع الرسائل المباشرة في الجزء العلوي الأيسر من التطبيق، مع التراجع عن القرار “السيئ” الذي اتّخذته منذ 8 سنوات، عندما فصلت “فايسبوك” عن المراسلة، وأطلقت تطبيقاً مستقلّاً لـ”مسنجر”.
تُعتبر “إنستغرام” متقدّمة بالفعل على “فايسبوك” في ما يتعلّق بإظهار المزيد من الـ”ريلز” التي تنشرها الحسابات التي لا نتابعها، أو ما تسميه الشركة بالمصادر “غير المتصلة”. وفي الوقت الحالي، حوالي 11 في المئة فقط من المحتوى الذي يظهر في موجز “فايسبوك” “غير متصل”، بحسب الشركة.
إذاً، من الواضح أنّ “ميتا” تنوي نسخ تجربة “تيك توك”، المتمثّلة بصفحة “For You“، للتنافس معها. كان موجز “فايسبوك” دائماً ما يوصي بالمحتوى بناءً على الإعجابات والصداقات على المنصّة. أمّا “تيك توك”، فنجحت “خوارزميّاته بتخمين ما يحبّه المتابعون من خلال عادات المشاهدة الخاصة بهم، ولا يحتاج المستخدمون لمتابعة حسابات معيّنة حتّى تظهر مقاطع الفيديو الخاص بهم، كما يمكن لبعض المقاطع الانتشار على نطاق واسع بسبب هذه التوصيات، حتّى لو كان الحساب لا يملك عدداً كبيراً من المتابعين.
أمّا دليل تفوّق “تيك توك”، فهو موثّق بالأرقام: حُمّل تطبيق “تيك توك” حوالي 3,6 مليار مرّة، وفقاً لشركة “Sensor Tower“، وقدّرت أنّ تحميلات التطبيق كانت أعلى من “فايسبوك” بنسبة 20 في المئة العام الماضي، وأعلى بنسبة 21 في المئة من تنزيلات “إنستغرام”. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، أمضى مستخدمو “أيفون” وقتاً على “تيك توك”بنسبة 78 في المئة أكثر من “فايسبوك”.
كان آخر تغيير رئيسي لتجربة موجز “فايسبوك” في عام 2018، عندما قال زوكربيرغ إن الشبكة الاجتماعية ستعطي الأولوية “للتفاعلات الاجتماعية الهادفة” بين الأصدقاء والعائلة. فقد كان قد أصبح التطبيق مزدحماً بالعلامات التجارية التي تحاول تغيير خوارزميته.
قلق من الموظّفين
منذ أن نُشر بيانه الداخلي حول مستقبل المنصّة، أعرب بعض الموظفين عن قلقهم من أن تكون الشركة “عدوانية” للغاية في نسخ “تيك توك”. “فكيف يمكن لمقاطع الفيديو التي يوصي بها الذكاء الاصطناعي أن تجد مكاناً بين صور الأطفال وصور الناس في الإجازة؟”.
وكتب أحد موظفي “فايسبوك” في ردّ على مذكّرة أليسون: “أعتقد أن هناك خطراً حقيقيّاً في هذا النهج، إذ سوف نفقد التركيز على تمايزنا الأساسي لصالح مطاردة الاهتمامات والاتجاهات قصيرة الأجل”. وفي تعليق آخر، أعرب مدير المنتج عن قلقه من أن التشبّه بـ”تيك توك” سيؤدّي إلى قضاء الوقت طويلاً على التطبيق، ولكن بمرور الوقت سيدرك المستخدمون أنّه ليس وقتاً عالي الجودة، مما قد “يضر بالنمو على المدى الطويل”.
من جهته، يصرّ أليسون في كل من مذكّراته المكتوبة للموظفين على أنّ فكرة “محرك الاكتشاف” (الشبيهة بموجز “تيك توك”) ليست المحور الجذري لـ”فايسبوك” كما يظنّ الموظّفون، ويقول: “سنقوم دائماً بإعطاء الأولوية للأشياء التي تريد مشاركتها مع أصدقائك. أعتقد أن الشيء الرئيسي الذي سيتغيّر هو أننا لن نضع قيوداً كثيرة على متى وأين نعرض المحتوى الموصى به في الخلاصة.
يبقى أن نرى ما إذا كان التغيير الجديد سيجعل من “فايسبوك” في النهاية تجربة سلبية أم لا، ففي النهاية، تحوّل “فايسبوك” إلى أن يكون أكثر شبهاً بـ “تيك توك” هو ضريبة لما أصبح عليه موجز المنصّة، وفقاً لإيلي باريزر، مؤلف كتاب عام 2012 بعنوان “The Filter Bubble“. ويقول إن الموجز “فشل في أن يكون مكاناً وآمناً للناس لمشاركة حياتهم”. ويجادل قائلاً: “لقد اكتشف الناس ذلك، ونقلوا تلك المشاركات إلى أماكن يشعرون براحة أكبر فيها”.
التعليقات مغلقة.