19/8/2021
Related Posts
قد يعجبك ايضا
يريد الآباء الأفضل لأبنائهم، دون تفرقة بين التشجيع والإكراه، فيدفعون طفلهم للعب رياضة معينة في سن صغيرة، دون الالتفات لصراخه وإرهاقه، معتقدين أنها أفضل طريقة لضمان الحصول على منحة جامعية أو المنافسة الدولية مستقبلا، دون معرفة بالمسارات الأفضل من أجل تحقيق نتائج واقعية على المدى الطويل، أو على أقل تقدير ضمان عدم رفض الطفل أو تسربه من التمارين الرياضية مرحلة المراهقة.
يحول ضغط الآباء الرياضة، في نظر أطفالهم، من متعة إلى عمل روتيني أشبه بالوظيفة، ويصبح دافع الطفل الوحيد هو إرضاء الوالد، والأسوأ أنه إذا كان لا يستمتع برياضته، فلن يحصل على معظم الفوائد التي يمكن أن توفرها له.
قدرت الدراسات أن ما بين 30% و35% من الرياضيين المراهقين يعانون من ضغط نفسي نتيجة آمال الوالدين العالية، ومحاولتهم الوصول لمستوى مثالي دون الاستمتاع بالرياضة، خاصة عندما يركز آباؤهم على الفوز أو الفشل أكثر من بذل قصارى جهدهم.
ووفق موقع يوث سبورتس سيكولوجي Youth sports psychology المعني بعلم النفس الرياضي، كان الإرهاق سببا في العزوف المبكر عن ممارسة الرياضة، وتم تعريفه على أنه “استجابة للتوتر المزمن الذي يتوقف فيه الرياضي الشاب عن المشاركة في نشاط ممتع سابقا” وينقسم لإرهاق نفسي وعاطفي وجسدي، ينخفض عنده الإحساس بالإنجاز وتقل قيمة الرياضة في نظره.
يحدث ذلك عند اختيار الأهل الرياضة المفضلة لأطفالهم من وجهة نظر عملية، في حين أن هناك أكثر من 8 آلاف لعبة أخرى يمكن للطفل التنقل بينها، في حين أن مشاركة الطفل في اختيار لعبته المفضلة يساعده على خلق شغفه بالرياضة، ومتعته، وثقته بقدراته، والتغلب على التوقعات التي تحد من تقدمه.
هنا يجب البحث في الدافع الحقيقي للأهل عند دفعهم الطفل لممارسة الرياضة، والتخلص منه، والبحث عن موهبة الطفل ومهارته ودافعه لممارسة ما يحب، والسماح له بإعادة اكتشاف دافعه للرياضة، فيحب بعض الأطفال الجانب الاجتماعي للرياضة أكثر من غيرهم، والبعض الآخر يحب المنافسة في الألعاب الفردية، والآخرون يحبون الهواء الطلق عن الملاعب المغلقة، لذا تجب المحاولة والتجربة باستمرار، مهما تكرر الفشل، لكن لا يجب تجاوز الرفض من طفلك.
يغري مستقبل الشباب المحترفين في رياضة واحدة، الآباء، حتى يدفعوا أطفالهم للتدريب المكثف بها طوال العام، رغم حقيقة أن 0.2% إلى 0.5% فقط من رياضيي المدارس الثانوية بالولايات المتحدة يصلون إلى المستوى الاحترافي، وفقا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال.
وقد أثيرت مخاوف بشأن السن المناسب للبدء، بالإضافة إلى مخاطر وفوائد هذا النوع من المشاركة الرياضية، بعدما أصبح إلزام الأطفال بالتدريب المكثف في رياضة واحدة دون الرياضات الأخرى قرارا شائعا يتخذه الآباء في مرحلة مبكرة من عمر الأبناء، منتبهين لما قد يحققه التخصص في تلك الرياضة من فرصة أكبر في دخول المنافسات الدولية بالمستقبل القريب.
نشرت المكتبة الوطنية الأميركية للطب بحثا في الدراسات ما بين عامي 1990 و2011، أعرب فيه الأطباء والخبراء الرياضيون عن قلقهم من التخصص في رياضة واحدة قبل سن البلوغ، وأكدت النتائج عدم وجود رابط بين التخصص المبكر والنجاح مستقبلا، باستثناء رياضة الجمباز.
وأدرج البحث عدة مخاطر للتخصص الرياضي مرحلة الطفولة المبكرة والمتوسطة، مثل: ارتفاع معدلات الإصابة، زيادة الضغط النفسي، الإقلاع عن الرياضة في سن مبكرة، تفويت فرصة تطوير مجموعة واسعة من المهارات التي تزيد -في الواقع- من فرصته للتنافس دوليا.
وأشار إلى ضرورة تأجيل قرار التدريبات المكثفة حتى سن المراهقة (من سن 13 إلى 15 عاما) لزيادة فرص النجاح وتفادي المخاطر، وتأجيله حتى سن 16 مع ألعاب رفع الأثقال وركوب الدراجات والتجديف والسباحة والتزلج، بشكل خاص.
يمكنك التركيز على بعض جوانب الرياضة التي تحسن الصحة العقلية لطفلك، وأهمها المتعة خلال التدريب والمنافسة، وتعليمه المهارات الحياتية خلال التدريب، وتحفيزه بشكل إيجابي بدلا من انتقاده، كما أن النوم جانب رئيسي آخر من جوانب الصحة العقلية، وتوصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بالنوم من 9 إلى 12 ساعة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 ساعة، ومن 8 إلى 10 ساعات في الليلة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاما، غالبا ما ينام الرياضيون المراهقون 6 ساعات على أفضل تقدير، بسبب الاكتئاب والقلق.
ويوفر تنقل طفلك بين الرياضات في سن مبكرة بيئات جسدية ومعرفية ونفسية واجتماعية قيمة، ويعزز لديه الدافع للاستمرار، ويدعم ذلك بيانات أبحاث الجمعية الطبية الأميركية للطب الرياضي التي تظهر أن عوامل التمتع بالرياضة وتوفر دافع عميق وجوهري يمكنهما التنبؤ بالإنجاز مستقبلا، كما أكد الباحثون على الآباء والمدربين ضرورة توفير فرصة للعب غير المنتظم بعدة ألعاب حتى المرحلة الثانوية، لتحسين المهارات الحركية للطفل، وتقليل عوامل خطر الإصابة.
التعليقات مغلقة.