جنيفر اعتزلت الغناء وماريا مُحكَّمة دولية.. أعجميتان تقرآن القرآن
فريدة أحمد
بعذوبة وتمكّن، تصدح أصوات نسائية بقراءة القرآن الكريم، ما يجمع بينهن أنهن لسن عرب. في وقت مضى، كانت نساء “العرب” يقرأن القرآن كالرجال، وكانت إذاعة القرآن الكريم في مصر تبث تلاواتهن حتى توقف الأمر تحت ضغط آراء وفتاوى ما زالت محل جدال.
اندثرت أسماء قارئات القرآن العرب، لتلمع بدلا منهن أسماء قارئات “أعجميات” لا يتحدثن العربية، لكنهن قادرات على تجويد القرآن وتلاوته بعذوبة وعلم.
ماريا أولفا
في إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، تتبنى معظم المدارس برامج لتلاوة القرآن، ويتم تشجيع الفتيات من سن مبكرة على التنافس مع الأولاد في الحفظ والترتيل.
في ذلك المناخ نشأت ماريا أولفا لتصبح واحدة من أكثر قراء القرآن تأثيرا في جنوب شرق آسيا، إنها معلمة وباحثة ومحاضرة معترف بها دوليا كواحدة من كبار قراء ومعلمي التلاوة في العالم.
تحاضر ماريا في معهد دراسة القرآن والجامعة الإسلامية الوطنية في إندونيسيا، وقد فازت في مسابقتين لتلاوة القرآن الكريم، وتعد أول امرأة تفوز بجائزة دولية لتلاوة القرآن في ماليزيا عام 1980.
كان والدها -وله الفضل فيما أصبحت عليه- قارئ قرآن ذائع الصيت في بلدته الأصلية في جاوة الشرقية، ووجد في ابنته الصغيرة الموهبة وحلاوة الصوت، فشجعها على تعلم الخطابة والصوتيات والمنافسة في مجال “تلاوة القرآن في الأماكن العامة”.
اهتم والدها بتنشئتها رغم كثرة عدد أبنائه، إذ تعد ماريا الابنة التاسعة من بين 12 ابنا له، واختار لها والدها اسم ماريا عندما ولدت عام 1955، تيمنا بوزيرة إندونيسية كان معجبا بذكائها وقوة شخصيتها، بحسب ما جاء في واشنطن بوست.
كان لوالدها حجي مظفر بالغ الأثر في تكوين شخصيتها، إذ كان دائم القول لها إنها مساوية لأي شخص رجلا كان أو إمرأة، وهو ما جعلها تردد أن الإسلام ليس هو الذي يفرق بين الجنسين وإنما الثقافات.
بدأت ماريا دراستها في تلاوة القرآن الكريم في الصف الأول، وكانت مترددة في بادئ الأمر حتى أنها كانت تهرب من الدرس إلى بيت صديقتها.
خسرت المسابقة الأولى التي نظمها والدها، وبدلا من أن ينهرها شجعها على العمل بدأب، وعندما أصبحت في الثانية عشرة من عمرها فازت لأول مرة في مسابقة في حفظ وترتيل القرآن، وبعد ست سنوات كانت قارئة بارعة.
وبعد فوزها بلقب المرأة في مسابقة دولية لتلاوة القرآن في ماليزيا، كان صوتها يبث بانتظام في الإذاعة والتلفزيون، وحظيت بعقود تسجيل ودُعيت للتلاوة في جميع أنحاء العالم الإسلامي وفي الدول الغربية.
كما دعيت ماريا لتلاوة القرآن في مكة المكرمة وأصبحت مُحكَّمة دولية في مسابقات القرآن الكريم.
تتبع ماريا “النمط المصري” الذي يحظى بشعبية كبرى في إندونيسيا، سواء في تلاوتها أو إدارتها لقسم المرأة في معهد دراسة القرآن، حيث تشرف على حوالي 800 امرأة يتطلعن لأن يصبحن معلمات للقرآن الكريم.
وكان للقراء المصريين -ومن بينهم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد- الفضل في إدخال القراءات السبع وقواعد تلاوة القرآن والتجويد إلى إندونيسيا، وهو ما يعرف بالنمط المصري المتبع حتى اليوم في تعليم القرآن هناك، بعد أن كانت تتبع تلاوة القرآن أسلوبا واحدا وبسيطا في إندونيسيا من قبل، بحسب مجلة “أرامكو وورلد”.
جنيفر غراوت
في عام 2013، أدهشت الفتاة الأميركية جنيفر غراوت متابعي برنامج المسابقات “مواهب عربية” (Arab Got Talent)، حينما غنت باللغة العربية أغنية لأم كلثوم نالت إعجاب المحكَّمين والجمهور على السواء.
لا تتقن جنيفر اللغة العربية، لكن الفتاة الأميركية نشأت في بوسطن لأسرة فنية، وكانت تعزف الكمان والبيانو منذ الصغر. وفي عام 2010 اهتمت بالموسيقى العربية بعد قراءة مقال عن المغنية اللبنانية فيروز، وكانت لا تزال حينها في الجامعة.
انبهرت جنيفر بفيروز، وبدأت الغناء والعزف على العود في مقهى سوري بمونتريال، وبعد التخرج انتقلت إلى المغرب لتغمر نفسها في قلب الموسيقى، ودرست المقامات واستخدمت مواقع الترجمة للتعرف إلى معنى كل أغنية، وفقا لصحيفة “الغارديان”.
أقامت جنيفر العديد من الحفلات الغنائية في الدول العربية، وقدمت الأغاني العربية لمطربين أمثال ليلى مراد وفيروز وأم كلثوم وأسمهان.
ثم ابتعدت عن الساحة الفنية سنوات، قبل أن تعود بفيديو لها على مواقع التواصل الاجتماعي، ترتل فيه آية الكرسي، وعلقت عليه “عندما اهتممت بالموسيقى العربية، نصحني أستاذي بالاستماع إلى القرآن كتمرين للتمييز بين الفروق الدقيقة في الغناء العربي، الكثير من المطربين العظماء لديهم جذور في تلاوة القرآن”.
منذ ظهور جنيفر، كان معروفا اعتناقها الإسلام وزواجها من شاب مغربي، وقد أعلنت أيضا أنها تستطيع التحدث باللهجة المغربية قليلا، لكنها لا تتقن العربية الفصيحة.
عادت جينيفر للظهور مرتدية الحجاب في عدد من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، بمقاطع من تلاوة آيات من القرآن الكريم متبعة أساليب عدد من القراء المعروفين، مثل محمد صديق المنشاوي وعبد الباسط عبد الصمد، وسط إشادة من المتابعين بتمكنها وعذوبة صوتها وتلاوتها السليمة.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية
التعليقات مغلقة.