نظرية جديدة.. هكذا تطور وجه الإنسان خلال 4 ملايين عام
يتكون هيكل الوجه من 14 عظمة فردية تضم أجزاء من الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والبصري. ويختلف الوجه البشري اختلافا واضحا عن الكائنات الحية الأخرى، فللبشر المعاصرين وجه قصير مع قاعدة دماغية كبيرة.
لجأ العلماء في محاولة لفهم أصل وتطور الوجه الإنساني إلى تحليل وجوه الأصناف المنقرضة على مدى ستة ملايين سنة ماضية من مجموعة أشباه البشر أو الهومو.
وتظهر فرضيات حديثة كلما ظهرت أحافير جديدة، تناقض أو تؤيد ما سبقها من الجهود البحثية، مما يجعل البت في هذه الفرضيات أمرا أشبه بالمستحيل.
- Advertisement -
وفي تعاون بحثي دولي بين جامعات من أميركا والمملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا، تمكن فريق من الباحثين من صياغة رواية جديدة لتاريخ تطور الوجه الإنساني خلال أربعة ملايين سنة مضت.
انعكاس تطور النظام الغذائي
تزعم أحدث الروايات التي نشرت في مجلة “نيتشر للبيئة والتطور” في 15 أبريل/نيسان الجاري، أن المظهر الجديد للوجه البشري ما هو إلا نتاج مزيج من التأثيرات الميكانيكية الحيوية والفسيولوجية والاجتماعية.
ويحكى أنه قبل 4.5 ملايين عام على الأقل، كان الهيكل العظمي لمخلوق يمشي على قدمين قد تكون بشكل جيد، وتمكن معه أسلافنا من الوقوف على قدمين وبدؤوا بالسير منتصبين، وبذلك تطورت الهندسة الوظيفية للتنقل على تلك القدمين.
يوفر لنا تطور الجمجمة والأسنان ثروة معلوماتية غنية للمتغيرات التي يمكن تتبعها مع مرور الوقت.
فعلى سبيل المثال، تمثل مراحل نمو الدماغ وتكيفه مع متطلبات الجهاز التنفسي جزءا مهما من العوامل الرئيسية في تغيير بنية الوجه البشري.
- Advertisement -
لكن الأهم من ذلك هو أن التغيرات في الفك والأسنان والوجه، ما هي إلا استجابة للتحولات في أساليب التغذية ونوع الغذاء نفسه، بمعنى آخر فقد تطور وجهنا ليتكيف مع ما نأكله حرفيا.
ولعب النظام الغذائي دورا كبيرا في تفسير التغيرات التطورية في شكل الوجه، فقد تناول أسلاف الإنسان الأوائل الأطعمة النباتية القاسية التي تطلبت عضلات فك ضخمة وطواحن سنية كبيرة لمضغها، وكانت وجوههم عريضة وعميقة في الوقت نفسه مع بروز عضلات الوجه، بحسب هذه النظرية.
ومع تغير البيئة إلى ظروف أكثر جفافا خاصة في المليوني سنة الماضية، بدأت أنواع الـ”هومو” المبكرة تستخدم روتينيا أدوات مختلفة في تحضير الأطعمة وتقطيع اللحوم، وهو التطور الذي ترافق معه تغيير في الفكين والأسنان لتلبية مصدر الغذاء الجديد، وهنا أضحت معالم الوجه أرفع واكتسبت مظهرا جذابا أكثر من ذي قبل.
الحاجة للتواصل الاجتماعي والعاطفي
قد لا تكون التغيرات في وجه الإنسان ناتجة فقط عن عوامل ميكانيكية بحتة، فقبل كل شيء يلعب الوجه الإنساني دورا مهما في التواصل والتفاعل الاجتماعي والتعبير عن المشاعر.
وبهذا قد يكون السياق الاجتماعي أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء بعض هذه التغييرات، فكما تعرض أسلافنا لتحديات بيئية كثيرة، فإنهم تأثروا أيضا وبشكل متزايد بالعوامل الثقافية والاجتماعية. ومع مرور الوقت، فإن القدرة على تكوين تعبيرات وجهية متنوعة قد عززت من التواصل غير اللفظي فيما بينهم.
وقد تطرق الباحثون أيضا إلى شكل الحاجب البارز الذي يعتبر سمة نموذجية في كافة أصناف الهومو المكتشفة، حيث ينسبه الباحثون في روايتهم الجديدة إلى سلوكيات مرتبطة بالهيمنة والعدوانية، كوظيفة اجتماعية للظروف التي عايشها الهومو آنذاك.
ومع تطور المجتمع البشري ضاعت تلك الملامح القاسية كغيرها من السمات الأخرى، كالأسنان الكلبية مثلا، لتصبح أقل عدوانية وأكثر تعاونا في السياقات الاجتماعية الجديدة على طول طريق التطور للنوع البشري.
أخيرا، تختتم الرواية بأن هذا الوجه الذي تراه في المرآة هو نتاج تطور دام عبر ملايين السنين، ويعكس أكثر السمات المميزة التي نستخدمها للتعرف على بعضنا بعضا، مقولبا بحاجتنا للأكل والتنفس والرؤية والتواصل.
التعليقات مغلقة.