مسقط ـ زراعة الورد تعد أحد كنوز الجبل الأخضر في سلطنة عُمان، ولا تزال أحد أهم مصادر رزق سكان تلك المنطقة، الذين امتهنوا سر تقطير الزهور واستخراج مائها الزكي والعذب الذي يكاد لا يخلو منه بيت في السلطنة بشكل كامل.
الجبل الأخضر الواقع بالمنطقة الداخلية في سلطنة عُمان يعتبر مزارا سياحيا في فصل الصيف لما يتميز به من طبيعة خلابة ومناخ معتدل، ويقع على ارتفاع 2300 متر فوق مستوى سطح البحر، ويتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث تدنو درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى أقل من صفر وتبلغ أعلى درجة في فصل الصيف 22 درجة مئوية.
يبدأ موسم حصاد الورد في الجبل الأخضر في بداية شهر مارس/آذار وينتهي في مايو/أيار من كل عام، ويقصد السياح الجبل الأخضر في موسم حصاد الورد للاستمتاع بجماله، والتعرف على الطرق التقليدية والحديثة المستخدمة في صناعة منتجات الورد.
مزرعة ورد الجبل
ويرى أحمد بن عبد الله الصقري صاحب مصنع تقطير ماء الورد بمنطقة الجبل الأخضر، في حديث للجزيرة نت، أن حبه للحرفة منذ زمن بعيد دفعه إلى أن يطوّرها، مشيرا إلى أن مزرعة ورد الجبل تعد أكبر مزرعة في المنطقة وتبلغ مساحتها 8 آلاف متر مربع، وتنتج ما يقارب طنا واحدا من الورد سنويا، في وقت يشتري فيه ما يقارب 1.5 طن من المزارع المجاورة في الجبل.
وحول الطرق الحديثة المستخدمة في تقطير الورد، قال الصقري إن مشروع مصنع ورد الجبل الأخضر هو مشروع استثماري له أبعاد اقتصادية وسياحية، ويبلغ عمر المصنع 4 سنوات، وهو المصنع الوحيد الذي يمتلك الجهاز الحديث لتقطير ماء الورد.
وأضاف أنه في البداية كان يتم استخدام الطرق التقليدية في استخلاص ماء وزيت الورد، مشيرا إلى أنه يعتزم رفع كمية الورد في كل موسم ليصل إلى ما بين 5 و10 أطنان.
الطرق الحديثة
ويشرح أحمد الصقري مكونات الجهاز الحديث وطريقة عمله، قائلا “يختص الجهاز بتقطير ماء وزيت الورد بشكل خاص، والنباتات العطرية بشكل عام، وتبلغ سعة الجهاز ما يقارب 200 كيلوغرام من الورد”.
ويتكون الجهاز من 3 أجزاء، وهي الغلاية، وتصل درجة الحرارة فيها إلى 100 درجة مئوية ويتم فيها وضع الورد الخام. ويتحول ماء الورد إلى بخار يرتفع في أنابيب تصل إلى الجزء الثاني من الجهاز يسمى “المكثف” ويعمل بدرجة حرارة منخفضة جدا، ثم الجزء الأخير الذي يتم بداخله أوتوماتيكيا فصل الزيت عن الماء، ويستغرق الإنتاج قرابة 5 ساعات ويعتمد على كمية الورد، وتوفر الطريقة الحديثةُ الوقتَ والجهد وتضمن جودة المنتج.
وفي حديثه عن منتجات الورد، يوضح الصقري الفرق بين إنتاج ماء الورد وزيت الورد، قائلا “هناك معايير محددة لإنتاج ماء وزيت الورد، وتتشابه هذه المعايير إلا أن إنتاج زيت الورد يتطلب كميات كبيرة من الورد، فإنتاج 12 غراما من زيت الورد يتطلب طنا من الورد، بينما يمكن إنتاج ما بين ألف وألفي لتر من ماء الورد باستخدام الكمية نفسها، ويبلغ سعر 12 غراما من زيت الورد نحو 350 ريالا عُمانيا (نحو 910 دولارا).
وتعد زراعة الورد وصناعة منتجاته من الحرف القديمة في سلطنة عُمان، ويشير الصقري إلى أن هناك جهودا لتوسيع مساحات الأراضي الزراعية المخصصة لزراعة الورد، كما أن هناك جهودا لنقل المهارات المستخدمة في صناعة منتجات الورد للأجيال القادمة، حيث يفتح مصنع ورد الجبل أبوابه أمام السياح للتعرف على الصناعات المختلفة من الورد وطرق التصنيع.