محمد علي لطيفي-تونس
منكبا على الطاولة في غرفته الصغيرة التي حوّلها إلى ورشة، يصقل أحمد المناعي (24 عاما) البلاستيك ويحاول ابتكار عربة بعجلتين على مقاس قط صغير يعاني إعاقة وقصورا جسديا بسبب حادث، لمساعدته في المشي ومنحه فرصة أخرى للعيش.
ولم يدرس أحمد، المنحدر من منطقة الكبارية الشعبية وسط العاصمة تونس، الطب البيطري ولم ينخرط يوما في جمعيات الرفق بالحيوان، لكن روحه البريئة قادته لممارسة نشاط إنساني حين تعرضت قطة لعدة إصابات وقرر أن يساعدها بدل مشاهدتها تئن وحدها حتى الموت.
شهرة واسعة
استطاع أحمد بعد العديد من المحاولات صناعة ساق اصطناعية من قصبة بلاستيكية، مكنت قطة ضعيفة مكسورة الساق من استعادة القدرة على المشي، ليمنحها بذلك حياة فاعلة جديدة، ضمن قصة مشابهة لقصة نجاحه الأولى التي تلتها لاحقا عمليات إنقاذ أخرى مع عديد القطط والكلاب.
ويقول أحمد بابتسامة عريضة للجزيرة نت، إن عمله منتج أفلام كرتونية ساخرة ثلاثية الأبعاد تبث على قناته بموقع يوتيوب مكنه من التعريف بابتكاره الجديد لمساعدة الحيوانات في المشي، وبات يتصل به عديد الأشخاص لمساعدة حيوانات تعرضت لحوادث مختلفة.
أحمد المناعي بدأ نشاطه في مساعدة الحيوانات بتركيب ساق اصطناعية لطائر اللقلق (الجزيرة)
بدأت تجربة أحمد في مساعدة الحيوانات بتركيب ساق اصطناعية لطائر لقلق كانت تربيه إحدى قريباته بمزرعتها، بعد أن تعرض إلى كسر في إحدى رجليه وفقد القدرة على المشي.
ويؤكد أحمد للجزيرة نت أن بعض الحيوانات التي يساعدها تتعرض أحيانا للموت بسبب غياب العناية اللازمة والإهمال البيطري، ويقول إن تعرض الكلاب والقطط الضالة في الشوارع إلى القنص من قبل السلطات البلدية ثم نجاتها من الموت يزيد في حجم الإعاقات لديها، مشددا على أن هذه الظاهرة ما زالت متواصلة برغم شكاوى المنظمات المدافعة عن الحيوان.
مواهب متعددة
ولع أحمد بصناعة الروبوتات والأفلام الكرتونية البدائية منذ نعومة أظافره وجعلته شخصية متعددة المواهب ذات شهرة واسعة ومنحته الفرصة لمناقشة ابتكارات المتخرجين الجدد، برغم أنه لم يتلق تعليما جامعيا.
ويقول أحمد للجزيرة نت إن انقطاعه المبكر عن الدراسة لم يمنعه من الابتكار، مبينا أن مبادرته هي رسالة تهدف إلى تعزيز السلوك الإنساني من أجل حماية الحيوانات والحد من الانتهاكات التي تتعرض لها من قبل السلطات البلدية.
الإهمال البيطري عرض حياة العديد من الحيوانات للموت (الجزيرة)
ويرى أحمد أن ابتكاراته توفر بديلا للمستلزمات الخاصة بالحيوانات غير الموجودة في الأسواق التونسية، وقال إن تكاليفها زهيدة، مشيرا إلى أن هذه المستلزمات موجودة أكثر في الأسواق الأوروبية التي تعطي أولوية لحقوق الحيوانات بمنزلة تقارب حقوق الإنسان.
ويضيف أن مبادرته بإيجاد تصميمات مناسبة للحيوانات المصابة لم تر النور ولم تلق التشجيع اللازم وهو ما جعله يفكر في الانقطاع أكثر من مرة، غير أن نداءات بعض جمعيات الرفق بالحيوان ورغبته الجامحة في مساعدة الحيوانات منحاه الثقة مجددا للابتكار بطرق جديدة.
غياب التشجيع
تظل محاولات أحمد بحاجة إلى الدعم ولا سيما في ظل ارتفاع معدلات قتل الحيوانات، وهو ما يعرضها إلى إعاقات دائمة في حال نجاتها رغم ما تلقاه من استحسان وترحيب واسعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويدعو ناشطون وحقوقيون يدافعون عن حقوق الحيوانات في تونس السلطات البلدية، إلى اعتماد طرق رحيمة في القضاء على الكلاب السائبة، مثل اللقاح عوضا عن قتلها بدم بارد خلال حملات بالرصاص الحي بدعوى أنها تشكل خطرا على حياة الناس.
قطة معاقة ساعدها أحمد المناعي في المشي عبر أحد ابتكاراته (الجزيرة)
ورغم أن القانون التونسي يعاقب من يعذب الحيوانات بالسجن 15 يوما وغرامة قدرها 4500 دينار (نحو1600 دولار) فإن هذه القوانين لم تفعّل، في الوقت ارتفعت فيه نسبة قتل الحيوانات.
ويأمل أحمد في الحصول على الدعم والتشجيع من الدولة أو الجمعيات المهتمة بالرفق بالحيوان لتطوير مبادرته بشكل يضاهي البلدان الأوروبية، للحد من الإعاقات والإصابات اللتين تتعرض لهما الحيوانات.
المصدر : الجزيرة