تنبهت الحكومة الماليزية في الآونة الأخيرة لخطر يداهم البيئة والطبيعة وبخاصة الخطر القادم من البحر، إذ أصبحت المياه والشواطئ مكبا للنفايات التي تلقى بشكل غير قانوني من قبل الدول الغنية مثل بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا والسعودية.
وبحسب بيانات لوزارة الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والبيئة، فقد تصدرت ماليزيا الدول التي تستقبل هذه النفايات البلاستيكية، وتعاني دول جنوب شرق آسيا بشكل عام من هذه المشكلة الخطيرة، خصوصا بعد أن أغلقت الصين أبوابها أمام نفايات تلك الدول وإعادة تدويرها.
“لا للمواد البلاستيكية“
ومما زاد الأمر سوءا أن تلك النفايات البلاستيكية غير قابلة للتدوير وبعضها مخلوط بنفايات أخرى تستلزم من الدولة إهدار الكثير من الأموال والطاقة، إضافة للانبعاثات الغازية الصادرة عنها، وقد تسببت هذه النفايات بأضرار بالغة للحياة البحرية وتلوث المياه ونفوق بعض الحيوانات.
إزاء هذا الوضع الخطير، أعلنت الحكومة الحرب على هذه الممارسات التي تنتهجها تلك الدول التي ألقت نحو ثمانمئة ألف طن من هذه النفايات بالمياه الإقليمية.
وأطلقت وزيرة الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والبيئة يو بي ين شعار “بلادنا ليست مكبا للنفايات” وأخذت الحكومة على عاتقها الكفاح من أجل فكرة “لا للمواد البلاستيكية” ووضعت خطة تمتد من عام 2018 وحتى 2030، وسيتم تطبيقها على ثلاث مراحل.
بدأت السلطات بإرجاع تلك النفايات إلى مصدرها، وستبدأ بإعادة نحو ثلاثة آلاف طن لكل من السعودية وكندا والولايات المتحدة.
التوعية بالفصل والتدوير
بالتوازي مع ذلك، بدأت حملات التوعية للشعب بخطر استخدام البلاستيك من خلال التلفزيونات المحلية والراديو، ووضع تنبيهات في الشوارع والمحلات التجارية.
ويحوز موضوع خطر البلاستيك وإعادة التدوير اهتماما متزايدا لدى الشعب، وتقول نوريلا ساودي وهي موظفة مشرفة بأحد المجمعات السكنية “التنبيهات تصلنا من الحكومة بشأن إعادة التدوير، ونحن نقوم بتطبيقها بشكل عملي”.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت “نرسل تنبيهات لسكان المجمع بضرورة فصل النفايات من المنزل، ونقوم بتوفير أماكن مخصصة للمواد التي يمكن إعادة تدويرها، وتفصيل أسماء المواد البلاستيكية”.
ويضيف زميلها مثولسوامي باتومالاي أن شركات إعادة التدوير تأتي بعد أن نقوم بعمليات الفصل، وتأخذ تلك المواد لمصانع التدوير “وقد قللنا كثيرا من استخدام الأكياس والمواد البلاستيكية”.
خطة استبدال
تم تطبيق المرحلة الأولى بالكامل من المشروع، أما الثانية فتمتد من عام 2022 حتى 2025، وسيتم استبدال البلاستيك بمواد صديقة للبيئة، ووضع اتفاقيات دولية للحد من تلوث مياه البحر.
أما المرحلة الأخيرة للخطة فتبدأ عام 2026 وتنتهي 2030، وسيتم حينها منع البلاستيك نهائيا من البلاد.
صديقة للبيئة
بدأت المرحلة الأولى من هذا المشروع بإقرار ضريبة حكومية على استخدام أكياس البلاستيك القابلة للذوبان والتحلل في التربة التي أصبحت تتوفر بشكل كبير في المراكز التجارية ومنافذ البيع.
كما وفرت جميع محلات السوبر ماركت أكياسا (حقائب)غير بلاستيكية ومن مواد صديقة للبيئة للاستعمال المتكرر، بأسعار مناسبة وفي متناول الجميع.
وهناك تفاعل كبير من قبل المواطنين لاستخدام هذه النوع من الحقائب، كما أن نسبة كبيرة من السكان لديهم الوعي بما تريده الدولة بعمليات إعادة التدوير وأثره على البيئة، أما محلات الملابس فقد وفرت الأكياس الورقية.
وفي المطاعم منع استخدام المواد البلاستيكية مثل القشة (الماصة) والأطباق ذات الاستعمال الواحد، وتم استبدالها بأخرى ورقية أو خشبية.
وانتشرت القشة المعدنية بأشكال وألوان جاذبة، ولسلامة أكثر يباع معها فرشاة خاصة، وتقول الحملة “إنك عندما تشتري هذه القشة تكون قد جمعت كيسا كبيرا من مخلفات البحر”.
كما تتوفر في بعض محلات بيع الملابس صناديق خاصة لوضع الملابس والمواد القديمة، ومقابل هذا يمكن الحصول على قسائم شراء (كوبونات) من نفس المحل، وتقوم هذه المحلات بإعادة تصنيع القطع أو إرسالها للتدوير.اعلانتشجيع المستهلكين
وتقوم بعض محلات بيع مواد التجميل بأخذ العلب الفارغة واستبدال كل مجموعة بواحدة جديدة تشجيعا لإعادة التدوير، كما أن البعض يأخذ العلبة مقابل خصومات عند شراء عبوة جديدة.
كما تعتمد بعض مراكز التسوق الكبيرة سياسة “الحقيبة التي لا يمكن نسيانها” إذ لا يتوفر فيها أكياس للمشترين، كما وضعت شركات أخرى خطة لاستبدال جميع العبوات البلاستيكية الخاصة بالمواد الغذائية إلى عبوات يمكن تدويرها أو استبدالها بأخرى ورقية.
المصدر : الجزيرة