حياة صحية
من أجل حياة صحية أفضل

“هنا كانت تستحم كليوباترا”… صخرة “أسطورية” تجتذب الزائرين في مصر

78

على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، شمالي مصر، ثمة صخرة لا تشبه غيرها من الصخور المتناثرة على السواحل الممتدة من شرق البلاد إلى غربها، بطول يتجاوز 1000 كيلومتر. صخرة تحيطها الأساطير والحكايات منذ زمن بعيد، وما يزيدها جاذبية، أنها ترتبط بواحدة من أشهر الملكات في التاريخ القديم، وهي كليوباترا.

وتشير الروايات المحلية إلى أن الملكة التي حكمت مصر خلال الفترة بين عامي 50 و30 قبل الميلاد، كانت تستحم بداخل تلك الصخرة، كي تحافظ على جمالها، وسحر أنوثتها، وثمة قصص عن أنها كانت تعيش قصة حب جنونية، في الجوار، مع حبيبها مارك أنطونيوس، القائد الروماني الذي أنهى حياته منتحراً، ثم لحقت به الملكة.

- Advertisement -

- Advertisement -

ويقول كبير الأثريين في وزارة السياحة والآثار في مصر الدكتور مجدي شاكر في حديث خاص لـ”النهار العربي”: “على رغم أن تلك الصخرة المميزة ليست مسجلة ضمن الآثار المصرية، إلا أن ارتباطها باسم آخر ملكة بطلمية حكمت مصر، واشتهار قصة حبها مع مارك أنطونيوس، جعلا لذلك المكان الفريد جاذبية خاصة، وساهم في تنشيط السياحة إلى هذه المنطقة ذات الطبيعة الخلابة”.

وتتميز الصخرة المعروفة بـ”حمام كليوباترا” بأن بها تجويفاً داخلياً تبلغ سعته أمتاراً عدة، وبها فتحة علوية واسعة تدخل أشعة الشمس منها، وعلى جانبيها (الشرقي والغربي) توجد فتحتان مستطيلتان، من الواضح من تكوينهما أنهما منحوتتان كأبواب تسمح بدخول أمواج البحر المتلاطمة إلى التجويف الداخلي للصخرة، كي تتمكن الملكة من الجلوس في المياه الدافئة والمتجددة، لتحصل على حمامها اليومي المنعش.

زائرون يتوجهون نحو “حمام كليوباترا” عبر ممشى زجاجي أنشئ حديثاً. 

روايات المحليين

يذهب الآلاف من زائري محافظة مرسى مطروح، كل يوم، إلى هذا المكان الهادئ، وكلهم ثقة بأن الملكة كليوباترا كانت تستحم في هذا “الحمام” قبل أكثر من ألفي عام، ويدخل غالبية الزوار – خصوصاً النساء منهم – بملابس البحر، للاستمتاع بمياه الحمام التي تتدفق عبر فتحتي الدخول.

وبحسب عدد من الزائرين الذين تحدث إليهم “النهار العربي” فإن غالبيتهم يتخيّلون كيف كانت تجلس الملكة داخل تلك المساحة المنعزلة عن العالم الخارجي، وتستمتع بأشعة الشمس المشرقة، ومياه البحر المنعشة، وكيف كانت تلتقي حبيبها مارك أنطونيوس على ذلك الشاطئ الساحر، ذي المياه الزرقاء الصافية.

ومع ترسخ تلك الروايات، الشبيهة بأساطير نسجها خيال خصب، فإن تردادها لفترات طويلة بين أجيال متتالية من السكان المحليين في تلك المنطقة الواقعة على بعد 300  كيلومتر من مدينة الإسكندرية، عاصمة الحكم في عهد البطالمة، ينبئ بأنها تحمل في نسيجها المتماسك خيوطاً قد تقود للحقيقة.

احتمال قوي

ويقول كبير الأثريين: “في الحقيقة، لم نجد نقوشاً أو برديات تؤكد أن هذا المكان هو حمام كليوباترا، ولكن لأنه من المعروف أن مقر حكم البطالمة كان في الإسكندرية، ما يعني أن تلك المنطقة الساحلية المجاورة قد تكون مكاناً لتحركاتهم، ليس مستبعداً أن تكون الملكة كانت تأتي إلى تلك المنطقة، ويكون في هذه الصخرة حمامها الخاص”.

ويضيف شاكر: “حين يبحث علماء الآثار عن اكتشافات جديدة، دون وجود خرائط أو وثائق واضحة، تكون روايات السكان المحليين التي يتناقلونها جيلاً بعد جيل، هي أحد مصادر المعلومات التي يستندون إليها في بحثهم، وهذا عامل إضافي يزيد من قوة احتمال أن تكون تلك الصخرة كانت بالفعل حماماً للملكة كليوباترا”.

ويرى الخبير الأثري أن مرسى مطروح بها العديد من الشواطئ التي تحمل ذكريات تاريخية تجذب المصريين إليها، بسبب الأحداث التاريخية والأفلام السينمائية التي كانت تلك المنطقة مسرحاً لها، ومن أشهرها فيلم “شاطئ الغرام”، وثمة أيضاً “شاطئ رومل” الذي يرتبط اسمه بالحرب العالمية الثانية، وشاطئ عجيبة الشهير الذي ظهر في عدد من الأفلام السينمائية، إلا أن لـ”حمام كليوباترا” سحراً خاصاً نظراً لارتباطه بملكة شغلت سيرتها المثيرة والغامضة العالم بأسره.

انتعاش سياحي

في الأعوام القليلة الماضية انتعشت مرسى مطروح سياحياً، وباتت منطقة جذب قوية للمصطافين من مصر وخارجها، وارتفع عددهم من آلاف الزائرين إلى قرابة 6 ملايين خلال خمسة أعوام.

وجاءت هذه النقلة الكبيرة في أعداد السياح، مع اهتمام الحكومة المصرية الحالية بالطرق والمحاور التي تربط بين تلك المحافظة النائية، والمدن الرئيسية، ما أنعش حركة النقل والتنقل، وساهم في نهضة عمرانية ملحوظة، وهو ما شارك بدوره في إنعاش العديد من المقاصد السياحية في مرسى مطروح، ومن أهمها شاطئ كليوباترا وصخرتها الشهيرة.

ويلفت شاكر إلى أن “ثمة أماكن أخرى يقال إنها كانت حمامات تابعة للملكة، ومنها على سبيل المثال واحد في واحة سيوة، وآخر في طريق الغردقة، لكن صخرة مرسى مطروح هي الأكثر شهرة بينها، والأقوى جذباً لجمهور الزائرين، لأنها إضافة إلى الأساطير التي تروى عنها، فإنها تقع في منطقة ساحلية ساحرة، وارتبطت بقصة حب أسطورية”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.