حياة صحية
من أجل حياة صحية أفضل

متى تتطلب مساعدة طبية؟ اكتئاب ما بعد الولادة حالة طبيعية ولكن!

153

يتم النظر إلى مرحلة الحمل ولحظة الولادة على أنها أجمل مراحل الحياة، إلا أنها قد لا تكون كذلك بالنسبة للحامل والأم الجديدة أيضاً. فمرحلة الحمل بذاتها قد لا تخلو من التحديات، وتأتي بعدها مرحلة الولادة بكل ما فيها من تغيير ومن مسؤوليات لتزيد من الأعباء على الأم الجديدة، خصوصاً أنها تترافق مع تغييرات هرمونية. هذا ما يزيد من الضغوط النفسية على المرأة في هذه المرحلة الدقيقة من حياتها بحسب ما توضحه الاختصاصية في علم النفس العيادي في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت لمى حمدون. فهل يقودها هذا إلى حالة اكتئاب ما بعد الولادة؟

- Advertisement -

 

ما هي حالة اكتئاب ما بعد الولادة؟

يمزج الناس بعامة بين حالة الـBaby Blues والـPostpartum Depression أو اكتئاب ما بعد الولادة فيعتبرانهما حالة واحدة. في الواقع تميز حمدون بين هاتين الحالتين لأن فصلهما يؤكد ضرورة التعامل مع كل منهما بطريقة مختلفة، مشيرةً إلى أن هذا النوع من الكآبة قد ترافق المرأة خلال فترة الحمل، وإن كانت تسمى غالباً باكتئاب ما بعد الولادة.

عوامل عديدة يمكن أن تلعب دوراً هنا، بحسب ما إذا كان الحمل مرغوباً به أو لا وما إذا كان الدعم النفسي متوافراً من المحيطين، إضافة إلى التوقعات التي يمكن أن تؤثر أيضاً.

والمشكلة الأساسية في أنه في العالم العربي، يوصف الحمل غالباً بأجمل مراحل حياة المرأة، وكذلك يوم الولادة ولحظة احتضان الطفل، فيما لا تتم الإشارة إلى كل ما في هذه المراحل من تحديات، وهي كثيرة. فهناك تركيز على جمال هذه اللحظات، من دون أن تؤخذ الصعوبات التي تترافق معها في الاعتبار، وهذا ما يجعل الأمور أكثر صعوبة على المرأة بحيث يسبب لها ذلك شعوراً بالذنب والارتباك في حال كانت مشاعرها مختلفة وكان ما تحس به هو عيب أو خارج عن الطبيعة.

توضح حمدون أن يوم الولادة قد لا يكون أجمل أيام حياة المرأة بسبب الأوجاع التي يمكن أن تعانيها والمضاعفات التي قد تعانيها. وحتى بغياب المضاعفات، يمكن ألا تكون الأمور سهلة لها من النواحي النفسية والجسدية، نظراً لكل التغييرات الجسدية التي تحصل وأوقات الرضاعة التي يمكن ألا تكون سهلة عليها والتغييرات في مستويات الهرمونية. هذا، إضافة إلى ما يحصل من خلل في برنامج النوم وعدم قدرتها على تأمين الراحة بسبب اهتمامها بطفلها بعد الولادة ومسؤولياتها كأم. هذه الأمر يمكن أن تؤثر في مزاجها مع ارتفاع مستويات القلق لديها. ويكون الوضع أسوأ لها بعد عندما تكون توقعاتها مخالفة لهذا الواقع، فتكتشف بعد الولادة أن ما يحصل مختلف عما كانت تأمل به.

هل من الطبيعي ألا تشعر الأم بالتعلّق بطفلها من اللحظة الأولى؟

من الطبيعي ألا تشعر الأم الجديدة بتعلق شديد بطفلها من لحظة الولادة الأولى، مع كل الضغوط النفسية والتعب الذي تشعر به. فهي تحتاج إلى الوقت حتى تبني هذه العلاقة مع طفلها وتوثقها في اللحظات الجميلة التي تمضيها معه لاحقاً. فتترافق ولادة الطفل مع مسؤوليات كبرى تلقى على عاتقها قد لا تكون مستعدة لها بعد، فتحتاج إلى بعض الوقت حتى تعتاد على دورها الجديد وتتأقلم معه وهنا يلعب دعم المحيط الدور الأساسي لمساعدتها في هذه المرحلة الدقيقة، خصوصاً أنها لا تكون قادرة على التحكم بمشاعرها حينها وقد تفقد السيطرة على الأمور. فتكون هناك حاجة إلى وجود عوالم عدة تساعد على تنظيم علاقتها مع ابنها.

كيف نميّز بين الـBaby Blues واكتئاب ما بعد الولادة؟

تعتبر كل أم جديدة عرضة للإصابة بالـBaby Blues، وإن لم تكن أماً للمرة الأولى. فتشعر عندها بـ:

– الارتباك على المستوى النفسي

– البكاء من دون سبب

– الانفعال الزائد

– التوتر الزائد

– العجز عن الراحة والنوم ولو في حال الشعور بالتعب

– عدم القدرة على التعامل مع وضعها الجديد بشكل صحيح

– لا تكون أكيدة من أنها تتعامل مع طفلها بالشكل الصحيح وتقوم بدورها كأم بالشكل الصحيح، وتحديداً في الرضاعة.

نسبة 70 في المئة من الأمهات يعانين هذه الحالة بعد الولادة. إلا انها تختلف عن اكتئاب ما بعد الولادة في عنصرين أساسيين هما حدة الأعراض والمدة. فخلال أسبوع إلى 14 يوماً قد تزول أعراض الـ Baby Blues فيما تستمر أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لوقت أطول بكثير وقد تمتد لأشهر أو سنة أو أكثر بعد. مع الإشارة إلى أن الأعراض قد لا تظهر مباشرة بعد الولادة بل بعد أيام وأسابيع. وتكون الأعراض أكثر حدة بحيث تشعر الأم الجديدة بعدم القدرة على التحمل والإرهاق الزائد والبكاء المستمر والحزن والاكتئاب والعزلة وعدم الاستمتاع بأمور وأنشطة كانت تحبها سابقاً فلا تظهر اهتماماً بها، وبفقدان الطاقة وعدم القدرة على النوم غالباً أو النوم بمعدلات زائدة أحياناً. كما تترافق هذه الأعراض مع إحساس بالذنب وبفقدان الثقة بالنفس كأم وبعد القدرة على التركيز والتفكير. وهي حكماً عندها عاجزة عن بناء علاقة مع طفلها. حتى أن الأمور قد تصل بها، بحسب حمدون إلى درجة الأفكار الانتحارية أو التفكير بإيذاء نفسها أو إيذاء طفلها. عندما تتخطى مدة الإصابة بالـBaby Blues هي تعتبر حالة اكتئاب ما بعد الولادة وتستدعي حكماً مساعدة اختصاصي في علم النفس أو طبيب بأسرع وقت ممكن. علماً أن أماً جديدة من 7 قد تصاب باكتئاب ما بعد الولادة.

 

ما هي العوامل التي تجعل الأم الجديدة أكثر عرضة لاكتئاب ما بعد الولادة؟

– التوتر في الحياة

– عدم توافر الدعم من المحيطين

– وجود تجارب اكتئاب سابقة

– التقلبات الهرمونية

– تغير العلاقات بعد الولادة.

لكن يمكن أن تحصل هذه الحالة لأي كان، وتشدد حمدون على أنها طبيعية، خصوصاً بوجود التقلبات الهرمونية التي تفقد المرأة السيطرة على الأمور. من هنا أهمية عدم السماح بأن تعاني المرأة بصمت وأن تهمل حالتها أو تخفيها حتى لا تتطور أكثر بعد نحو الأسوأ وتؤدي إلى تداعيات خطيرة عليها وعلى طفلها. من الضروري اللجوء إلى مساعدة اختصاصي أو طبيب نفسي بأسرع وقت ممكن مع ضرورة دعم المحيطين إلى أقصى حد. علماً انه في حال عدم متابعة الحالة ومساعدتها على تخطيها، يمكن أن تتطور إلى اكتئاب طويل المدى. أما العلاج فيكون غالباً بالدعم النفسي والتقنيات العلاجية لمساعدتها على اعتماد طريقة تفكير معينة. وقد تكون هناك حاجة إلى أدوية في الحالات القصوى.

ويفيد الأم في هذه الحالة التقيد بنظام غذائي صحي ومتوازن مع انتظام في الأكل والإكثار من تناول السوائل وممارسة تمارين الاسترخاء والرياضة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.