تلعب عوامل عديدة اجتماعية واقتصادية وعاطفية ونفسية دوراً في سلوكنا تجاه الطعام والإفراط في تناوله. ويعاني بعض الأشخاص، بعد حدث صادم، من تغييرات في المواد الكيميائية في الدماغ التي تؤثر على حالتهم النفسية وتزيد رغبتهم في تناول الطعام. في حين قد يلجأ البعض الآخر إلى تناول الطعام كآلية تكييف لمواجهة مخاوفهم ومشاكلهم النفسية، بالإضافة إلى أن أعراض ما بعد الصدمة والاكتئاب من شأنها أيضاً أن تدفع الشخص إلى الإفراط في تناول الطعام.
تتأثر سلوكياتنا بالحالة النفسية التي نعيشها، فهي تعكس ما في الداخل وهذا ما يُفسّر بعض التصرفات التي تكون أبعد مما هي عليه ظاهرياً وتحمل معنى أعمق وبُعداً نفسياً. فكيف أثر #الزلزال على تعاطينا مع الطعام؟ ولماذا يلجأ البعض إلى الإفراط في تناوله بعد هذا الزلزال المدمر؟
تشرح مؤسِّسة تطبيق Mindsome للعلاج النفسي و المعالجة النفسية دارين عماش أن “الإفراط في تناول الطعام أو الرغبة الشديدة في الأكل هو نتيجة ما اختبره الشخص من تجربة الحياة- الموت، ويكون لدى البعض رغبة لا يمكن السيطرة عليها في تناول الطعام أو ما يُعرف بالشهية المفتوحة. ويمكن تفسير ذلك على أنها ناتجة عن غريزة البقاء أو الدافع القوي لحب الحياة. إذ يدفعنا حب الحياة برمزيته إلى تناول المزيد من الطعام وكأنه ارتباط بالحياة من خلال الطعام أو الجنس.
أبلغ حوالى 80 في المئة من عينة الدراسة عن تعرضهم لشكل من أشكال الصدمات، و66 في المئة أفادوا بوجود عارض واحد على الأقل من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. كما أفاد 8 في المئة عن رغبتهم في تناول الطعام بنهم. وكانت لافتة زيادة تناول الطعام بشراهة مع زيادة عدد عوارض اضطراب ما بعد الصدمة، خصوصاً عند النساء ( 6- 7 عوارض) وهن عرضة لتناول الطعام بشراهة أكثر من النساء اللواتي لا يعانين من عوارض اضطراب ما بعد الصدمة.
وتشير عماش إلى أن “عوارض اضطراب ما بعد الصدمة كانت مرتبطة بتناول الطعام بشراهة عندما تظهر العوارض في سن مبكرة. ومع ذلك لم يختلف الارتباط بين اضطراب ما بعد الصدمة وإدمان الطعام حسب نوع الصدمة. لذلك تتطلب استراتيجيات التقليل والحد من السمنة المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة متابعة نفسية وسلوكية لمعالجة والتعامل مع الطعام بطريقة مختلفة وأن لا يكون معتمداً عليه للتكيّف ومواجهة الإجهاد.
من المهم أن نعرف أنه عندما نتعرض لصدمة نفسية أو اكتئاب أو نواجه أي آثار سلبية بعد حدوث كارثة طبيعية، تؤثر بعض المواد الكيميائية في الدماغ غلى حالتنا النفسية، وقد نختبر بعض التغييرات الجسدية نتيجة هذه التحولات التي تجعلنا نشتهي أو نحتاج إلى تناول بعض الأطعمة، ويعود ذلك إلى التغييرات الهرمونية والكيميائية.
وتعتبر أعراض ما قبل الحيض أكبر دليل على التغييرات الهرمونية، وتشير النتائج إلى أن هرمون “الغريلين” وهو هرمون الجوع، يساهم في زيادة الرغبات الغذائية وسلوكيات الأكل.
على المستوى النفسي والاجتماعي، يظهر الأكل العاطفي في بعض المواقف المشحونة عاطفياً مثل موت شخص قريب. وعليه، ترى عماش أن “هناك بعض الأشخاص الذين يلجؤون إلى الطعام كاستراتيجية وقائية للتعامل مع مخاوفهم النفسية. كذلك إن الرغبة في تناول الطعام بعد وقوع كارثة طبيعية سببها نفسي أيضاً، لأن الناس بحاجة للشعور بالحياة ورغبتهم في الحياة يزيد من جوعهم ويشجعهم على تناول المزيد. وهذه الرغبة غالباً ما تكون ناتجة عن ردة فعل محددة وشديدة للطعام .
في نهاية المطاف، سيتعافى معظم الناس من الأزمة وسيعودون إلى مستوى أدائهم السابق، في حين سيعاني البعض من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، #القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة، التي يمكن أن تظهر على الفور أو في وقت لاحق.
وتُعدد عماش أبرز ردود الأفعال الشائعة عند البالغين بعد وقوع كارثة:
* اضطرابات في النوم أو صعوبة في النوم.
* حزن، اكتئاب، فرط النشاط والغضب.
Related Posts
* الشعور بالتخدير.
* الإرهاق وقلة النشاط والطاقة.
* قلة الشهية أو الأكل باستمرار.
* صعوبة في التركيز أو شعور بالارتباك.
* العزلة الاجتماعية أو تقييد الأنشطة.
* الصداع وآلام في المعدة وآلام في الجسم.
* إساءة استخدام الكحول، التبغ أو الأدوية.
ما هي الخطوات التي تساعد البالغين بعد وقوع الكارثة؟
– تناول الطعام وابقِ جسمك رطباً، ومارس التمارين الرياضية واحصل على قسط من الراحة. العناية بالجسم تقلل من الآثار السلبية للتوتر.
– تجنب استخدام الكحول، التبغ أو الأدوية للتحكم في المشاعر المؤلمة، لأن هذه المواد تجعل هذه الأمور أكثر صعوبة ومن شأنها أن تُسبب مشاكل على المدى الطويل.
– البحث عن طرق صحية للاسترخاء مثل تمارين التنفس، التأمل، الموسيقى الهادئة.
– انخرط في أنشطة مرحة بما في ذلك التمارين والهوايات والأنشطة الاجتماعية.
– الحد من متابعة الأخبار على التلفاز أو في وسائل التواصل الاجتماعي حول الكارثة، لأن كثرة التعرض تزيد التوتر.
– ابقَ على تواصل مع العائلة والأصدقاء والجيران للحصول على الدعم. مساعدة بعضنا البعض تساعد على الشفاء.
– ذكر نفسك دائماً أنه من الطبيعي أن يكون لديك العديد من المشاعر، وأنك ستمر بأيام جيدة وأخرى سيئة كجزء طبيعي من مرحلة التعافي.
– أطلب المساعدة من اختصاصي في الرعاية الصحية في حال استمرت الضغوط لعدة أسابيع أو اذا كنت تواجه صعوبة في العمل أو المنزل، أو التفكير في ايذاء نفسك أو أي شخص آخر.
في النهاية، تشير الأبحاث إلى ارتباط معقد بين حب الأكل والصدمة. قد يكون للتجارب الصادمة تأثير على بعض الناس من خلال تغيير في الهرمونات والمواد الكيميائية في الدماغ التي من شأنها أن تغير رغباتهم الغذائية، وغالباً ما تقود إلى استخدام الطعام كآلية للتكيّف.
وقد يؤدي أحياناً إلى ما يُشبه الإدمان على الطعام، خصوصاً عند الأشخاص الذين يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
Next Post
قد يعجبك ايضا
التعليقات مغلقة.