يمكنها رصد حركة الذرات داخل المادة.. كاميرا جديدة أسرع 250 مرة من الكاميرات الحالية
الوقت الحالي، لا تعد هذه التقنية جاهزة للاستخدام بعد، ولكن مع مزيد من التطوير ستصبح الطريقة الأهم في سبر أغوار المواد.
الوقت الحالي، لا تعد هذه التقنية جاهزة للاستخدام بعد، ولكن مع مزيد من التطوير ستصبح الطريقة الأهم في سبر أغوار المواد.
تخيل أنك تصور مباراة لكرة القدم، وكانت سرعة غالق الكاميرا بطيئة بدرجة لا تكفي لمجاراة سرعة اللاعبين، فسيظهرون بصورة مبهمة وغير واضحة، وعلى العكس إذا استخدمنا كاميرا متطورة وسرعة الغالق بها كبيرة، فستكون صورة اللاعبين واضحة تماما.
وقد عرف العلماء سابقا أن حركة الجزيئات والذرات داخل المواد يمكنها أن تحسن أداء تطبيقات الطاقة المتجددة، مثل تحويل ضوء الشمس أو تحويل الحرارة المهدرة إلى كهرباء.
ولذلك طور باحثون في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة، بالتعاون مع باحثين من جامعة بورغون في فرنسا، كاميرا جديدة يمكنها تصوير حركة الذرات داخل المواد أو ما يعرف باسم “الاضطراب الديناميكي” وقد نشروا نتائج البحث بدورية “نيتشر ماتيريال” (Nature Material).
يحدث الاضطراب الديناميكي (Dynamic Disorder) داخل المواد عندما تتحرك مجموعات من الذرات في مادة ما بطرق معينة، خلال فترة زمنية ما، بسبب تعرضها للاهتزاز أو بسبب تغير بدرجات الحرارة، ودراسة هذه الحركة مهمة لتحسين خصائص المواد وتفاعلاتها.
ولكن للأسف كان من الصعب دراسة الاضطراب الديناميكي وفهم ماهيته، لأنه كان من المستحيل رؤيته، ذلك لأن سرعة الغالق في الكاميرات كانت بطيئة مقارنة بسرعة الذرات، ومن ثم كانت لا تكفي لتصويره.
فأسرع الكاميرات الرقمية في السوق تبلغ سرعة غالقها حوالي 4 أجزاء من الألف من الثانية، ولتصوير هذه الحركة لا بد من تطوير سرعة أكبر لغوالق الكاميرات.
أجرى الفريق البحثي تجربته باستخدام كاميرا عادية، غالق عدستها بطيء، فظهرت صورة هياكل الذرات ضبابية. وعلى النقيض، كانت صورة هياكل الذرات واضحة عندما استخدموا كاميرا أخرى بسرعة غالق عالية تبلغ حوالي بيكو واحد/ثانية أو تريليون مرة أسرع من غوالق الكاميرا العادية.
يقول “سايمون بيلينغ” أستاذ علوم المواد والفيزياء التطبيقية والرياضيات التطبيقية بجامعة كولومبيا، في البيان الصحفي المنشور على موقع الجامعة في 7 مارس/آذار الجاري “استخدمنا أداة جديدة مكنتنا من رؤية الاضطراب الديناميكي في المواد رأي العين، وهي (دالة توزيع الزوج الذري) Atomic Pair Distribution Function (vsPDF)) وباستخدام هذه التقنية تمكنا من تطوير سرعة غالق الكاميرا، بما يجعلنا قادرين على تمييز الذرات المتحركة من الذرات الساكنة داخل المواد”.
وتعتمد تقنية دالة توزيع الزوج الذري على استخدام النيوترونات لرصد موضع الذرات، وقد طبقها الباحثون على مادة الجرمانيوم تيلورايد (GeTe)، والتي تُستخدم على نطاق واسع بسبب خصائصها المميزة في تحويل الحرارة المهدرة إلى كهرباء، أو تحويل الكهرباء إلى تبريد.
وقد كشفت الكاميرا أن هياكل الذرات في مادة الجيرمانيوم تيلورايد ظلت منتظمة مثل البلور في جميع درجات الحرارة تقريبا، ولكن في درجات الحرارة المرتفعة، كانت الذرات مضطربة ديناميكيا، وتحولت طاقة الحركة (الاضطراب) في الذرات إلى طاقة حرارية.
ويؤدي فهم الاضطراب الديناميكي للذرات داخل المواد إلى تطوير صناعة أجهزة كهروحرارية صديقة للبيئة لتكون أكثر كفاءة في استخدام الطاقة مثل: الثلاجات ومضخات الحرارة، بالإضافة إلى تحسين عملية استعادة الطاقة من الحرارة المهدرة من عوادم السيارات واستغلالها في تحويل الحرارة إلى كهرباء، وتطوير للأدوات التي تزود مركبات المريخ بالطاقة عندما يختفي ضوء الشمس.
والوقت الحالي، لا تعد هذه التقنية جاهزة للاستخدام بعد، ولكن مع مزيد من التطوير ستصبح الطريقة الأهم في سبر أغوار المواد. ويعمل أستاذ العلوم بجامعة كولومبيا وفريقه البحثي الآن على تقديم بحثه للمجتمع العلمي بطريقة ميسرة وتطبيقه على مواد أخرى.
Next Post
التعليقات مغلقة.