بحلول اليوم العالمي للسمنة في الرابع من مارس/آذار من كل عام ورغم مرور أكثر من ربع قرن على إعلانها وباء عالميا يساهم في “العبء العالمي للأمراض المزمنة والعجز وما يترتب على ذلك من عواقب اجتماعية ونفسية خطيرة تطال جميع الأعمار والفئات الاجتماعية”، ورغم الآثار السلبية التي قد تحدثها على صحة الفرد فإن المزيد من الأشخاص يعانون من زيادة الوزن أو السمنة اليوم أكثر من أي وقت مضى.
فقد تضاعفت السمنة في جميع أنحاء العالم 3 مرات تقريبا منذ عام 1975، حيث يعاني منها حوالي 13% من البالغين، كما يعاني نحو 39% من البالغين زيادة الوزن حتى منتصف عام 2021.
وتوقعت دراسة سابقة “زيادة عدد الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة على عدد من يعانون منهم من نقص الوزن بحلول عام 2022”.
وتشير الأبحاث إلى أن “استمرار تفشي السمنة يعني أن أغلبية سكان العالم البالغين سوف يصابون بزيادة الوزن أو السمنة بحلول عام 2030″، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى أكثر من 3 مليارات شخص.
ففي أميركا وحدها يعاني واحد من كل 3 بالغين وواحد من كل 6 أطفال من السمنة المفرطة، وهو ما يكلف قرابة 150 مليار دولار سنويا ويجعل السمنة سببا رئيسيا في الأمراض المسببة للوفاة، كأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري وبعض أنواع السرطان.
كما فجّر موقع “وورلد بوبليشن ريفيو” (Worldpopulationreview) مفاجأة في تقريره هذا العام بإدراج مصر ضمن الدول العشر الأكثر سمنة في العالم.
أهم أسباب السمنة
السمنة مرض معقد تساهم فيه أنماط الأكل ومستويات النشاط البدني ونظام النوم، بالإضافة إلى العوامل الوراثية وتناول بعض الأدوية، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة الأميركية “سي دي سي” (CDC)، أو هي “حالة يسببها استهلاك الأشخاص سعرات حرارية أكثر مما تحرقه أجسامهم”، وفق تعريف الدكتور وليام. إتش ديتز مدير تحالف مكافحة السمنة في جامعة جورج واشنطن.
ويضيف الدكتور وليام أن الناس غالبا لا يتعمدون زيادة أوزانهم، لكن اكتسابهم الوزن “يأتي نتيجة التغييرات المعقدة في البيئة، إلى درجة جعلت الطعام أكثر والنشاط البدني أقل”.
أما الدكتور تيري أوتول رئيس جمعية أمراض الجهاز الهضمي في أوهايو فيشير إلى “مساهمة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الإصابة بالسمنة وتفشيها”.
وهو ما تؤكده الدكتورة لاتيتيا. في مور خبيرة السمنة بمركز السيطرة على الأمراض بقولها إن “الطريقة التي نأكل بها قد تغيرت على مدار الأعوام الخمسين الماضية، حيث أصبحنا محاطين بالطعام طوال الوقت، واعتاد الناس على أكل المزيد من الأطعمة المصنعة الغنية بالدهون والسكريات وأكل الكثير من الوجبات خارج المنزل بكميات كبيرة وسعرات حرارية أكثر من أي وقت مضى”.
كما يضيف الدكتور أوتول عوامل أخرى تؤثر في تفاقم وباء السمنة، مثل التكنولوجيا، ونمط الحياة في المدن الذي يعتمد على الجلوس لأوقات طويلة أمام الشاشات، وركوب السيارات بدلا من الحركة والمشي والتريض في الحدائق وركوب الدراجات.
مستويات الدهون في الجسم
تعد الطريقة الأكثر شيوعا لقياس السمنة هي مؤشر كتلة الجسم “بي إم آي” (BMI) الذي يتم تحديده من حاصل قسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر، ويتدرج إلى 6 مستويات، وذلك على النحو التالي:
- أقل من 18.5: نقص في الوزن
- من 18.5 إلى أقل من 25: وزن صحي
- من 25 إلى أقل من 30: زيادة في الوزن
- من 30 إلى أقل من 35: سمنة من المستوى الأول
- من 35 إلى أقل من 40: سمنة من المستوى الثاني
- من 40 فما فوق: سمنة مرضية
الطريقة الذهبية لقياس الدهون
ويرى بعض الباحثين أن مؤشر كتلة الجسم ليس مثاليا، وأن الأفضل أن يتم التخلص منه لصالح مقاييس، مثل “محيط الخصر“، وهو مقياس يدل على وجود خطر أكبر للإصابة بالسمنة إذا كان هذا المحيط أكثر من 40 بوصة للرجل وأكثر من 35 بوصة للمرأة غير الحامل.
ويستند هؤلاء إلى أن مؤشر كتلة الجسم “لا يقيّم دهون الجسم بشكل مباشر، ولكنه يساويها بالعضلات والعظام التي هي أكثر كثافة من الدهون”، مما قد يعطي قراءة خادعة أحيانا، خصوصا بالنسبة للرياضيين، حيث يُظهر لدى الرياضي أو الشخص العضلي مؤشر كتلة جسم مرتفعا رغم أنه ليس لديه الكثير من الدهون.
لكن، لأن معظم الناس ليسوا رياضيين كما لا تتوفر حتى الآن بيانات مرجعية جيدة لمقياس محيط الخصر عند الأطفال يعتبر العلماء أنه “من الأرجح أن يكون مؤشر كتلة الجسم مقياسا جيدا جدا لمستوى دهون الجسم، فهو أسهل في القياس، وله تاريخ طويل من الاستخدام، والأهم من ذلك أنه يقوم بعمل ممتاز في التنبؤ بمخاطر المرض”.
وقد أظهرت الأبحاث أن مؤشر كتلة الجسم يرتبط ارتباطا وثيقا “بالطرق القياسية الذهبية لقياس دهون الجسم”، كما أنه طريقة سهلة للأطباء “لفحص الأشخاص الذين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية بسبب أوزانهم”.
حلول لا مفر منها للقضاء على السمنة
تتفق دكتورة مور مع التوصيات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية منذ عام 2021 للقضاء على وباء السمنة، فتؤكد أنه لا حل لها إلا بتناول مزيد من الفواكه والخضروات، وتقليل الأطعمة المحتوية على نسبة عالية من الدهون والسكر، وشرب المزيد من الماء بدلا من العصائر والمشروبات المحلاة، وممارسة المقدار الموصى به من النشاط البدني بانتظام (60 دقيقة يوميا للأطفال، و150 دقيقة على مدار الأسبوع للبالغين)، وتقليل مشاهدة الأطفال الشاشات لأقل من ساعتين في اليوم.
التعليقات مغلقة.