حياة صحية
من أجل حياة صحية أفضل

بعد صراع مع شكلها… ربحت ربى معركتها بخسارة 45 كلغ “لا شيء بهذه السهولة”

153

ثقة كبيرة، حالة نكران، عدم ترقية في العمل، دخل محدود، هي مواقف صعبة كشفت عنها الشابة ربى الطقش لـ”النهار” خلال الحديث عن تجربة مريرة خاضتها. فلا عاهة خلقيّة ابتُليت بها، ولا حادثَ مفاجئاً أصابها، ولا تشوّهَ ظاهريّاً سبّب لها عقدة، بل وزنٌ زائد فقط!

أغمضت عينيها عن نظرات المجتمع، فتلاشت التعليقات، واستمرّت في كسب المزيد من الوزن، من دون إدراك.

- Advertisement -

هي عادة لا واعية انتهت بمطافٍ لا رجعة فيه، بعد تخطّي حدود “السّمنة المفرطة”، و”الدهون المكدّسة”. وأدّت الحالة المستجدّة إلى الرضا بالكلمات الجارحة، والاكتفاء بضحكة “خجولة” فقط في معرض الهروب من وقعها السيّئ؛ فهل هو خجل من نظرة الآخرين أم انتقاد “وهميّ” لجسم شبيهٍ بآلة تبحث عن كيلوغرامات لتغذيته فقط؟

واحدة من قصص المجتمع

 

صورة تعبيريةصورة تعبيريةقبل وبعد إجراء العملة الجراحية. الوزن الزائد.

لا لومَ بل حالة صعبة، ولا خوفَ بل وزن مخيف، ولا تعاسةَ بل سعادة ضائعة، ولا قلّة احترام للذات بل ثقة تلاشت مع كلّ وقفة على الميزان. هذا ما شاركتنا به الطقش بالقول “بلغ وزني 135 كلغ، فاتّخذت القرار بعد صراع متعب مع سلبيّة العالم تجاهي، والحكم المسبق على شكلي، وجدّيّة ارتباطي بشريك حياتي”.

ما شعرت به ربى طبيعيّ، وفق المعالجة النفسيّة سحر الصليبي، إذ بات يعتري الأفراد، الذين يعانون من بدانة أو وزن زائد، ويُشعرهم بحزن، وخجل اجتماعي، وقد تصل الأمور إلى العزلة الاجتماعيّة وانقطاع التواصل مع الغير، إضافة إلى تدنّي الثّقة بالنّفس.

- Advertisement -

وفي ظلّ عالم التكنولوجيا، حيث الظاهر يخبّئ باطناً مغايراً، أملَت المنصّات الاجتماعيّة معايير جديدة للصورة الذاتيّة الخالية من العيوب لدى النّساء والرّجال على حدّ سواء. لا يتعلّق الأمر بعدم تقبّل الآخر، فهو احترام قد يفتقر إليه كثيرون، لكن تأثير انتقاداتهم تجاه هؤلاء الأفراد يُسبّب ضغوطًا نفسيّةً عليهم.

برأي الصليبي، لا حدود لهذه الانتقادات وتطوّرها النفسي عند الغير إلا بعد فشلٍ يواجهه باتّباع حمية غذائية أو الالتزام بممارسة الرياضة، لتُصبح حينها مشاعر العزلة وما يرافقها من اكتئاب لا مهرب منها.

أما الدوامة المخيفة التي جهلتها ربى عن عمد مقصود أو لا مبالاة، فقد تسبّبت بردّة فعل معاكسة، تتمثّل بتناول المزيد من الطعام كوسلية للتحرّر من القلق، أو ما يُعرف بـ “الأكل العاطفيّ”. وقد يكون الأخطر من الطعام هو الشّعور بالذّنب بعده.

العمليّة الجراحية: خدمة صحيّة أم مشكلة نفسيّة؟

قبل وبعد إجراء العملة الجراحية. قبل وبعد إجراء العملة الجراحية. الوزن الزائد.

وتشرح الطقش بالقول “عائلة والدي تعاني من مشكلة زيادة الوزن”، ممّا يعني وجود تاريخ وراثيّ لهذه الحالة الصحيّة. إلا أنّه في نظريّ، كان اللجوء إلى العملية الجراحية وسيلةً صحيّة ونفسيّة معًا، إذ إنّ آثار الأخيرة لا ترتبط بتخفيف نسبة الوجبات الغذائية بقدر ما تخفض من مخزون الحديد والفيتامينات في الجسم. ولكنّ وجهها الإيجابي هو ضبط معايير تناول الطعام.
من الناحية النفسية، أوضحت المعالجة النفسية بأنّ العملية الجراحية لغرض صحيّ وبسبب تشوّهات خلقية تساهم في استعادة المرء ثقته بنفسه، في حين أنّ تكرار هذه العمليّات لأسباب جمالية يشير إلى وجود مشكلة نفسيّة متراكمة، لا سيّما هذه الصورة الوهميّة في ذهن الفرد الداعية إلى المثاليّة. وقد تدلّ على “جرح نرجسيّ” عانى منه المصاب في طفولته أو مراهقته، ممّا يدفعه إلى الوسواس المستمرّ بعدم الرضا والسعي إلى التحسين المستمرّ في الشكل. وفي هذه الحالات، ينصح باللجوء إلى طبيب أو معالج نفسيّ لاستعادة هذه الثقة بالنّفس.
هل تُنهي العملية الجراحية الندوب النفسية؟

الوزن الزائد. الوزن الزائد.

قد يعتقد الآخرون أنّ المشكلة انتهت بخسارة هذا الفرد وزنه، فبات موازيًا لمعايير المجتمع الواقعيّ والافتراضي. لكنّ ندوب هذه العملية تستمرّ لا بآثار جراحيّة بقدر تقلّب المشاعر اليوميّة، والنظرة القاسية إلى الذات. لكن برأي ربى “رغم خسارتي 45 كلغ، بقيت مشاعري متناقضة بين الحبّ والكره، الثقة وقلّتها، والحساسية المفرطة”.
من قصة ربى، شدّدت الصليبي على أهميّة التصالح مع الذات أكان الشخص قد خضع ل#عملية جراحية، تجميلية أو بقي على الحميات الغذائية. فقد يضطر لدعم نفسيّ من أجل تقبّل الذات عبر رسم صورة واقعية لجسمه من دون التمثّل بأحد، بالإضافة إلى تحمّل المسؤولية تجاه نفسه عبر وضع صحته أولويّة.
هذا، ويساعد الدعم النفسي في تعليم المرء كيفية الرّد على انتقادات المجتمع ومواجهة التنمّر بحقه؛ وذلك من خلال معرفته لمكامن قوّته وضعفه وكيفيّة تحسينها.
لا شيء مستحيل إلا عند عجز المرء داخلياً عن التحسين من خلال تعلّم مهارات الالتزام بخطّة غذائيّة محدّدة، والابتعاد عن الأكل العاطفيّ، بالإضافة إلى الاحتضان المجتمعيّ. وهذا يرافقه التعرّف على هوايته المفضّلة، وتحديد جماليّة جسمه بعيداً من النظرة المشوّهة، إضافة رفضه الأفكار السلبية لشكله، واستبدالها بنمط إيجابي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.