نهاية مذهلة لقاتل فرنسي مطلوب منذ 20 عاما
بعد أن ضربت صاعقة زورقه الشراعي بينما كان يُبحر في إندونيسيا وتقطعت به السبل، أجبِر تييري أسكيون على الكشف عن هويته لإنقاذ حياته وتبيّن أنه مطلوب للعدالة لارتكاب جريمة قتل.
في مقال نشرته صحيفة “لوباريزيان” (leparisien) الفرنسية، قال الكاتب تيموثي بوتري إنه بعد 20 عامًا من الهروب عُثر على الجاني تييري أسكيون (62 عامًا)، الذي حُكم عليه غيابيا بالسجن المؤبد عام 2001 في باريس، في قضية قتل صاحبي مطعم فرنسيين في غواتيمالا عام 1991. ويواجه قرار تسليمه للسلطات الفرنسية، وقد يجد نفسه في السجن لإعادة محاكمته حضوريًا.
جريمة في غواتيمالا
وحدثت الجريمة في غواتيمالا في الليلة الفاصلة بين يومي 27 و28 ديسمبر/ كانون الأول 1991، وذهب ضحيتها صاحب مطعم يدعى برنارد بيرو (52 عاما) وزوجته ماري أنطوانيت بيريار (44 عامًا) بينما كانا يستعدان للذهاب برحلة بحرية. وعُثر على جثتيهما مشوهتين بعد أيام في مكانين مختلفين، ليتبين أنهما تعرضا للتعذيب.
وكشف التحقيق تورط شابين فرنسيين ألقي عليهما القبض بعد شهر من وقوع الجريمة، هما جان فيليب برنار ابن شقيق صاحب المطعم وصديقه فيليب بيري بتهمة الرغبة في الاستيلاء على أموال الزوجين. لكنهما نفيا الاتهامات المنسوبة لهما، إلا أن القضاء لم يبرئهما وحُكم عليهما بالسجن 30 عامًا في غواتيمالا عام 1995، ثم أطلق سراحهما.
وأظهرت التحقيقات تورط طرف ثالث من مرسيليا يدعى تييري أسكيون، سبق أن حُكم عليه بالسجن 7 سنوات بتهمة السرقة في شبابه. سافر أسكيون إلى غواتيمالا عام 1991 لبيع شاحنات للمجلس العسكري كوسيط لإحدى الشركات.
وبعد وقت قصير من حدوث جريمة القتل المزدوجة، سافر أسكيون لميامي حيث اتهم بالاستيلاء على أموال الضحيتين المودعة في حساباتهما البنكية من خلال صرف شيكات موقعة من قبل برنارد بيرو. ادعى شاهد لاجئ في كندا أنه رأى أسكيون وهو يجبر الثنائي على ركوب السيارة ليلة اختفائهما.
اختفى عن الأنظار
في مارس/ آذار 1995، أدلى “طرف ثالث” بشهادته في برنامج تلفزيوني يعرف باسم “اختفى عن الأنظار” لتبرئة الشخصين اللذين تمت إدانتهما في غواتيمالا. وبعد بضعة أسابيع، ألقي القبض على أسكيون في تايلند وهو يحمل جواز سفر أميركي، مسروق ثم أرسل إلى فرنسا تحت حراسة مشددة من قبل القوات الخاصة الفرنسية في سبتمبر/ أيلول 1995. بعد العودة إلى وطنه، وجه إليه قاضي التحقيق جيلبر تيال لائحة اتهام وأعيد إلى الاحتجاز على ذمة المحاكمة.
في مايو/ أيار 2000، أُفرج عن تييري أسكيون بعد أن أمضى 4 سنوات و7 أشهر محتجزا على ذمة المحاكمة، وكان من المقرر أن يمثل بعد 5 أشهر أمام محكمة الجنايات بباريس للرد على تهم “التواطؤ في القتل والتزوير والاحتيال”، بعد الطلب الذي قدمه محاميه مي آرثر فيركين.
الفرار لم يكن صعبا
عندما بدأت محاكمته، تمكن أسكيون من الهروب خارج البلاد. في 5 يونيو/حزيران 2001، وحكمت عليه محكمة جنايات باريس غيابيا بالسجن مدى الحياة، واختفى أسكيون منذ ذلك الوقت.
وأكد أسكيون، الذي قضى السنوات بالسفر بين آسيا وأميركا الجنوبية وأسس عدة شركات، أن الفرار لم يكن صعبا بل احتاج اتباع قواعد معينة، مشيرًا إلى أنه تمكن من العودة لفرنسا عدة مرات بهوية مزورة، لكن هذه المرة أراد العودة بصفة نهائية لاستعادة هويته الحقيقية وتلقي العلاج.
لكن الأمور لم تسر كما هو مخطط لها. فليلة الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضرب البرق قاربه ورفيقه وكلبيهما وتعطل نظام الملاحة. فأجبرا على الرسو في كاراتونغ أقرب جزيرة على الأراضي الإندونيسية، ولم يكن معه سوى وثيقتي هوية تحملان اسمه.
كان اسم أسكيون مدرجا على قائمة الإنتربول. وحسب مصدر قضائي “ألقي القبض عليه بناء على مذكرة توقيف صادرة عن محكمة استئناف باريس عام 2019. ولم تكن فترة التقادم البالغة 20 عاما للعقوبة المفروضة قد انتهت وقت إصدار المذكرة.
ويقول أسكيون “لم أعد مختبئا. وإذا كانت عقوبتي غير موصوفة، فلننهي هذا الأمر مرة واحدة وللأبد، وليحكم علي شريطة الإجابة على أسئلتي”.
أسكيون يدعي براءته
يصر أسكيون على براءته. وكما فعل قبل 20 عاما، يتهم صاحب المطعم المقتول بالتورط بغسل أموال، وتمويل (حزب التجمع من أجل الجمهورية الفرنسي)، وأخبر القاضي الذي يعمل على قضيته “أنا أعلم أن ما أقوله اتهامات خطيرة، ولكن كل ما أطلبه هو التحقق منها”.
بدت تصريحات أسكيون سخيفة
لا يزال القاضي المتقاعد جيلبر تيال يستحضر تفاصيل القصة التي تعود لعام 1995 والتي احتفظ بوثائقها رغم نقلها إلى معرض مكافحة الإرهاب.
وأثناء التحقيق، استمع القاضي للسياسي المتورط حسب المشتبه به، وقال إنه “أنكر كل ما نسب إليه. بدت تصريحات أسكيون غير منطقية إلى حد كبير”.
ننتظر أسكيون بفارغ الصبر في فرنسا
وأكّد برتران بيرو، نجل صاحب المطعم المقتول “هذه الجريمة مرتبطة بقضية ابتزاز. وأسكيون حلقة من سلسلة طويلة من قطاع الطرق. فجرت هذه القضية الغامضة جزءا من العائلة، وإذا تمكنا من اكتشاف الحقيقة، سنحل لغز الجريمة، فالجميع ينتظر بفارغ الصبر عودة المتهم الهارب إلى فرنسا”.
وأفاد آرثر فيركن محامي المتهم بقوله “حان الوقت ليشرح أسكيون موقفه، فهو نفسه يطالب بذلك”.
التعليقات مغلقة.