هل يمثل وجود حياة على كوكب الزهرة أخبارا سيئة للبشرية؟
لطالما شغل أمر وجود حياة خارج كوكب الأرض أذهان العلماء، واستحوذ على الكثير من مشاريع وكالات الفضاء العالمية؛ لكن هل يمثل وجود تلك الحياة خبرا سيئا أم حسنا بالنسبة للبشرية؟
قال الكاتب جيمس ميلور في تقريره الذي نشرته صحيفة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية إن اكتشاف الفوسفين على كوكب الزهرة يرجح ظهور فرضيات عدة.
فالتوصل إلى وجود بوادر حياة على كوكب الزهرة قد يكون أمرا سيئا للغاية بالنسبة لمستقبل البشرية، ووفقا لإحدى النظريات، فإننا إن لم نر كائنات فضائية بعد؛ فذلك لأنها تميل إلى تدمير نفسها قبل أن يتاح لها الوقت لغزو المجرات.
مليارات الكواكب
جاء بهذه الفرضية الإيطالي الأميركي إنريكو فيرمي (1901-1954)، في سياق مفارقة فيرمي، وفي إطار التساؤل عن سبب وحدة الإنسان في هذا الكون الشاسع.
حيث يُقدر أن مجرتنا وحدها هي موطن لحوالي 20 مليار كوكب شبيه بالأرض، قد يتجاوز عمر العديد منها عمر الأرض بمليار سنة.
ومن السهل الاعتقاد بأن حضارة أخرى خارج كوكب الأرض قادرة على القدوم إلى الأرض، باعتبار سرعة الضوء؛ فلماذا لا يوجد كوكب واحد على الأقل في مجرتنا قد ولّد حضارة توجد بين المجرات يمكننا اكتشافها؟
على كوكب الأرض مثلا، تتوزع الحياة من أعماق المحيطات إلى أعلى قمم الجبال؛ فلماذا لم يحدث هذا في مكان آخر من مجرتنا أيضا؟ يمكن أن نتوقع أن أنواعا غريبة من الكائنات تريد استعمار جميع مناطق الكون التي في متناولها، تماما كما اعتاد البشر على احتلال جميع المناطق الصالحة للسكن على الأرض.
وفي غضون ألف عام تقريبا، إذا استمرت وتيرة التغيير التكنولوجي، فلا شك أن البشرية سترسل سفنا فضائية لاستعمار أنظمة نجمية أخرى.
في المقابل، سترسل هذه العوالم الجديدة سفنها إلى كواكب أخرى. وفي غضون مليون سنة، التي تعادل غمضة عين على مقياس الوجود المجري، قد نكون قادرين على الوصول إلى جميع الأنظمة النجمية في مجرتنا؛ لكن لماذا لم تأت الكائنات الأخرى لاحتلالنا إلى اليوم؟
حياة.. لا حضارة
إذا أردنا أن نكون متفائلين، فسنعتبر أننا لم نرَ كائنات فضائية إلى حدود الساعة؛ لأنها غير موجودة، وأن فراغ الكون يعيق البشرية للانتقال إلى تريليونات من الكواكب غير المأهولة.
لكن المعلومات التي اكتشفت مؤخرا عن كوكب الزهرة تبعث على الشك، إذ يحمل الغلاف الجوي الحمضي لكوكب الزهرة آثار جُزيء نادر، هو الفوسفين، والذي يوجد على كوكب الأرض ويرتبط بالميكروبات التي تعيش في بيئات خالية من الأكسجين.اعلان
لا يمكن لأي باحث أن يدعي أنه اكتشف حياة حقيقية، وحتى إذا كانت هذه الميكروبات موجودة على كوكب الزهرة، فإن عوامل كثيرة يمكن أن تفسر سبب توقف تطور الحياة على الزهرة قبل فترة طويلة من تطور أشكال الحياة الذكية.
يقول الكاتب إن ذلك لا يعني على الإطلاق أن حضارة تطورت، وأُبيدت على كوكب الزهرة؛ ولكن إذا عُثر على ميكروبات على كوكب الزهرة، فسيساعد ذلك في إظهار أن التولد التلقائي الذي يعني تطور أشكال الحياة، ليس ظاهرة خاصة بكوكبنا.
التدمير الذاتي للذكاء
لنتصور أننا علمنا بأن آلاف الحضارات المتقدمة ظهرت بالفعل في مجرتنا منذ زمن بعيد. قد تكون جميع هذه الحضارات قد استسلمت في النهاية للصراع الداخلي، ودمرت بعضها البعض بأسلحة نووية قبل أن تتاح لها فرصة الانتشار إلى نظام نجمي آخر.
وإذا وجدنا بالفعل حياة على كوكب الزهرة، فقد يكون لها نفس منشأ الحياة على كوكبنا، من الممكن أن تكون الحياة البدائية قد ظهرت مرة واحدة فقط في نظامنا الشمسي، وربما مرة واحدة في الكون المرئي بأكمله، على الأرض أو الزهرة، قبل أن تنتقل إلى كوكب آخر.
أو ربما بدأت الحياة في مكان آخر وشقت طريقها بطريقة ما إلى نظامنا الشمسي على متن مذنب، أو لعل إحدى سفن الفضاء، التي أرسلناها إلى الفضاء أصابت كوكب الزهرة عن طريق الخطأ بميكروباتنا. في خضم جميع هذه السيناريوهات، سيكون للحياة على كلا الكوكبين رابط مشترك.
خطوة تكنولوجية قاتلة
أضاف الكاتب أنه إلى جانب التدمير الذاتي للحضارة بسبب الحروب أو الكوارث مثل تأثيرات الكويكبات، فإن المجتمعات المتقدمة لديها سبب آخر للهلاك الجماعي: فخ تخفيه قوانين الفيزياء على غرار القنبلة الذرية الأولى. كل الحضارات ستنقرض بنفس الطريقة، وذلك باتخاذ خطوة تكنولوجية قاتلة، حسب الكاتب.
ويؤكد الكاتب على أن العديد من نظريات المرشح العظيم (التدمير الذاتي) التي تم اقتراحها غير واقعية، ويقول إن البكتيريا ذاتية التكاثر. ومن الممكن أن يكون لبعض البكتيريا المتأتية من مسبار أرضي تأثير هائل بالفعل على كوكب الزهرة إذا افترضنا أنه كان بإمكانها العثور على طعام في الغلاف الجوي.
بالقياس، يمكن للبشر يوما ما أن يصنعوا روبوتات ذكية قادرة على السفر في الفضاء، واستخدام مواد من أنظمة نجمية أخرى لإنشاء مليارات النسخ من أنفسهم، مثل البكتيريا، يمكن بعد ذلك أن تبدأ هذه الروبوتات الجديدة في إعادة تشكيل الكواكب لجعلها مناسبة للعيش.
المصدر : الصحافة الفرنسية
التعليقات مغلقة.