مستحضرات تفتيح البشرة.. معارضة عالمية لصناعة تكرس التمييز
تقول مذيعة التلفزيون إيفوني أوكوارا وهي تتذكر تعليقات الرؤساء والزملاء طوال حياتها المهنية؛ “كانوا يخبرونني دائما بأن لون بشرتي داكنة جدا بحيث لا تناسب العمل التلفزيوني، ويطلبون مني أن أضع مزيدا من مستحضرات التجميل”.
تلقت أوكوارا في مرحلة مبكرة من حياتها المهنية تعليقات مثل: إن “طلتها ولون بشرتها لن يجعلاها تتقدم في عملها، لأنهما ليسا ما يريده المجتمع”. والآن أصبحت اسما ساطعا يتردد في بيوت كينيا، بعد أن أصبحت مذيعة لامعة للأخبار في تلفزيون “سيتزين”، أي المواطن.
التمييز ضد البشرة السوداء
تقول أوكوارا -في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية- “حتى بين الأفريقيين هناك وصمة ضد الأشخاص ذوي البشرة السوداء جدا، وثمة مستويات متباينة من التمييز”.
وهذا التمييز من الأمور الشائعة في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا، ويساعد على تغذية صناعة تبلغ تعاملاتها مليارات الدولارات متخصصة في منتجات تفتيح البشرة، وهي منتجات تباع منذ عقود وتحتوي أحيانا على مواد ضارة بالصحة.
غير أنه بفضل حملة “حياة السود مهمة” التي تتبناها حركة مناهضة للعنصرية، وبدأت في الولايات المتحدة عام 2013؛ فإن هذا الاتجاه بدأ يتغير رويدا رويدا.
منتجات التبييض ضارة
تشير راشمي ساركار (طبيبة هندية متخصصة في الأمراض الجلدية) إلى أن بعض هذه المنتجات تحتوي على عناصر لإزالة اللون والتبييض يمكن أن تسبب الطفح الجلدي، كما أن كثيرا منها يكون تأثيره مؤقتا؛ مما يجبر المستخدمين على الاستمرار في شرائها طوال حياتهم، حتى يحصلوا على التأثير المرغوب فيه، غير أن هذه التحذيرات لا تثني الزبائن عن شراء هذه المنتجات.
صعوبة الحصول على زوج
تتذكر الفتاة الهندية فايدهي سريرام أنها في طفولتها كانت تشعر بأن بشرتها سوداء، خاصة عندما يمتدح المعلمون شكل البنات الأخريات ذوات البشرة الفاتحة.
وفي وقت لاحق، قال لها الأقارب أثناء التجمعات العائلية إن لون بشرتها داكن للغاية لدرجة أنها لن تستطيع الحصول على زوج جيد، ونصحوها بألا ترتدي ملابس وردية اللون، لأنها ستجعل بشرتها تبدو أكثر سوادا، ومن هنا قامت سريرام وشقيقاتها وهن في سن الشباب باستعمال الكريمات على وجوههن، على أمل أن يصبح لونهن فاتحا، وتقول “أحيانا تبدو بشرتنا بيضاء كالأشباح”.اعلان
صناعة منتجات تفتيح البشرة
وبلغت قيمة سوق منتجات تفتيح البشرة 4.4 مليارات دولار عام 2018، ومن المتوقع أن تنمو لتصل إلى 8.7 مليارات دولار عام 2027، ويرجع ذلك لازدياد اهتمام الناس بمنظرهم وطلتهم، وإلى أن الزبائن المحتملين لديهم المال لينفقوه على هذه المنتجات.
ومع ذلك، اضطرت هذه الصناعة للتغير بالتدريج، بعد أن اعترضت حركات مثل “حياة السود مهمة” على هذه الأنماط المثالية للجمال.
ويقول روبالي سواين من شركة لأبحاث السوق إنه “بعد الاحتجاجات المناهضة للعنصرية، بدأت بعض الشركات المنتجة تفكر في تغيير منتجاتها التي تفتح لون البشرة أو تطلق أسماء أخرى عليها”.
وينطبق ذلك على شركة “يونيلفر” العملاقة لمستحضرات التجميل، التي حقق منتجها “أشقر ومحبوب” مبيعات هائلة في الهند لسنوات.
وكانت الشركة تطلق إعلانا حتى فترة قريبة، يظهر الفتيات اللواتي يستخدمن كريم التفتيح وهن ينعمن بحياة أكثر سعادة ونجاحا.
انتقاد كلمة “أشقر”
ومنذ ذلك الحين تم توجيه الانتقادات إلى كلمة “أشقر”، مما دفع الشركة لإعادة تسمية المنتج لتصبح “متوهج ومحبوب”.
ويعلق متحدث باسم الشركة على هذا التطور بقوله “أدركنا أن استخدام كلمات أشقر وأبيض وفاتح يوحي بنموذج مثالي وحيد للجمال، وهو ما نعتقد أنه أمر يجانبه الصواب”، ويضيف أن شركته قررت مؤخرا إلغاء هذه الكلمات تماما من النشرات المدونة على عبواتها وأيضا من إعلانات التسويق.
شركات أخرى اتخذت خطوات إضافية، فعلى سبيل المثال أعلنت شركة “جونسون آند جونسون” مؤخرا أنها ستوقف بيع اثنين من منتجاتها. وقالت الشركة في بيان “إن البشرة التي تتمتع بالصحة هي البشرة الجميلة”، مما يعني اعتذارها عن ربط الجمال بالبشرة البيضاء.
ودعا كثير من المنتقدين شركة يونيلفر إلى وقف إنتاج كريم تفتيح البشرة تماما، قائلين إنه “يروج لمشاعر ضد السود، خاصة النساء”.
النساء يبدأن التغيير
لكن التغيير يجب أن يأتي أيضا من داخل المجتمع؛ فمثلا نجد أن المذيعة أوكوارا لم تستعمل مطلقا منتجات تفتيح البشرة، وتقول إن التمييز القائم على لون بشرة الناس هو جذر المشكلة، ويجب معالجة هذه المسألة.
وتضيف “في حالة عدم اهتمام الناس بلون البشرة، فإن صناعة منتجات تفتيح البشرة لن يكون لها وجود”.
كما أن سريرام توقفت عن استخدام هذه المنتجات، بل وصارت أيضا ترتدي ملابس وردية اللون غير مصغية لنصائح أقاربها، وذلك لأنها تحب اللون الوردي.
المصدر : وكالة الأنباء الألمانية
التعليقات مغلقة.