ليست الحرائق فقط.. سكان غابات الأمازون معرضون لخطر المجاعة
آسيا ضياء
كشفت دراسة حديثة نُشرت في دورية “بيبول آند نيتشر” يوم 26 أبريل/نيسان الجاري أن قاطني غابات الأمازون المطيرة في البرازيل مهددون بخطر المجاعة، رغم أنها أكثر بقاع الأرض تنوعا في مصادر الغذاء.
قبائل حول النهر
تعيش قبيلة “الريبيرينهوس” -كلمة برتغالية تعني ضفاف الأنهار- في جماعات صغيرة متفرقة على جوانب أنهار الأمازون، لذلك تعتمد في غذائها بشكل أساسي على صيد الأسماك.
ويعد نهر “بوروس” واحدا من أكثر الأنهار تأثرا بالفيضانات الموسمية، فعندما يرتفع منسوبه، تغمر مياهه أراضي شاسعة في الغابات فتتفرق الأسماك، ويفقد أفراد القبيلة قدرتهم على الصيد.
تتجرع القبيلة مرارة التهميش من قبل السياسيين والمجتمع البرازيلي، فأفرادها يعيشون في فقر مدقع، وحياتهم تكاد تخلو من صور الحداثة والتكنولوجيا، إذ لا يمتلكون ثلاجات ويعانون من أزمة نقص الكهرباء.
آنفا، افترض صانعو القرار والعلماء أن الغابات التي تقع في المناطق الاستوائية بها ما يكفي من الطعام لسد حاجة سكانها، ولكن -على النقيض- أغلب سكانها وخاصة الحوامل والأطفال، يعانون من سوء التغذية.
عندما تفيض أنهار الأمازون تنتشر مياهها على مسافات شاسعة ويفقد السكان قدرتهم على الصيد (فليكرز)
تزعزع الأمن الغذائي
ولأول مرة، قارن الفريق البحثي -الذي يضم باحثين من بريطانيا والبرازيل- بين الأمن الغذائي لسكان غابات الأمازون ومعدلات الصيد، أي كمية الأسماك التي يمكنهم صيدها في الساعة الواحدة. وقد أجرى الباحثون مقابلات مع 22 جماعة، يفصل بينهم 13 كلم على امتداد 1267 كلم.
يقول دانيال تراجيدو الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ بجامعة لانكستر في بريطانيا وجامعة لافراس الاتحادية بالبرازيل “إن الدراسة تسلط الضوء على المناطق الغنية بالتنوع الغذائي، ونضال سكانها المهمشين من أجل الحصول على الطعام عندما تزعزع الفيضانات أمنهم الغذائي”.
ففي موسم الفيضانات، يقضي أفراد القبيلة وقتا أطول ثلاث مرات لصيد الأسماك، ورغم جهودهم المضنية لتوفير طعامهم فإن كمية الأسماك التي يحصلون عليها تنخفض بنسبة 73%.
وهذا بالطبع قد يؤدي إلى استغنائهم عن إحدى الوجبات الثلاث أو حصولهم على كمية طعام قليلة قد لا تفي باحتياجاتهم من السعرات اليومية. وفي أسوأ الظروف، قد يعيشون ببطون خاوية لعدة أيام، وهذا قد يترتب عليه عواقب صحية وخيمة تستمر مدى الحياة.
العام 2019 شهد اندلاع أكثر من 80 ألف حريق في غابات الأمازون (ويكيميديا كومنز)
سدود وحرائق وجوع
وأضاف تراجيدو أنه “على عكس الاعتقاد السائد، ثمة تناقض بين التنوع الغذائي في غابات الأمازون وقلة السكان وانعدام الأمن الغذائي بها، وهذه الدراسة قد تجعلنا ننظر بعين الاعتبار لسكان الغابات الأخرى”.
يقول الباحث في جامعة لافراس البرازيلية باولو بومبيو إن “حوض الأمازون يشهد حاليا طفرة في بناء السدود على الأنهار لإنتاج الطاقة الكهرومائية، ولكن من جهة أخرى، ستؤثر هذه السدود على مخزون الأسماك، وقد تلجأ القبيلة إلى الصيد الجائر للحيوانات البرية لسد احتياجهم من الغذاء”.
ويرى الباحثون أن تنظيم عملية الصيد أثناء الفيضانات أمر حتمي للتأكد من توفر الغذاء لسكان المناطق النائية، وشددوا على أهمية توفير وجبات مدرسية للأطفال في حال تقلص نصيبهم من الأسماك، وانتهوا إلى أن أزمة الأمن الغذائي لن تنجلي إلا بمحاربة الفقر.
الجدير بالذكر، أن غابات الأمازون توفر خُمس احتياج كوكبنا من غاز الأكسجين، لذلك يطلق عليها “رئة الأرض”، وتتميز بالتنوع البيولوجي فهي تحتوي وحدها على 10% من الحيوانات والنباتات المعروفة على كوكب الأرض، واعتبرها العلماء من أهم العوامل التي تساعد على كبح جماح أزمة الاحترار العالمي.
وقد شهد العام 2019 اندلاع أكثر من 80 ألف حريق، في حدث جلل لم نعهده منذ عقد مضى، وكان له بالغ الأثر على المجتمع الدولي، وأرغم قادته على التحرك نحو حماية غابات الأمازون وسكانها.
المصدر : الجزيرة
التعليقات مغلقة.