كيف تصف الألوان لشخص كفيف.. البصيرة وسيلتك لنقل الطبيعة إليه؟
هند مسعد
هل جربت يوما أن تصف الألوان لشخص كفيف، وأن تخبره أن الأخضر هو لون العشب، وأن الأزرق هو لون البحر والسماء، وأن الشمس ذهبية اللون؟ لكن كيف تفعل ذلك إذا كان هذا الشخص لم ير عناصر الطبيعة هذه ولا يعرف سوى الظلام؟
في الواقع، إذا كان بعض الناس قد فقدوا حاسة البصر فلا تزال هناك حواس أخرى تساعد على فهم الألوان وإدراكها، إذ ترتبط العديد من الألوان بالروائح والأذواق والأصوات وحتى المشاعر، وعليه فالأمر لا يعتمد على حاسة البصر ليفهم الكفيف معنى لون معين، وإنما على البصيرة.
البصيرة كإحساس غير مادي، تعتمد على الروح والمشاعر، فإذا كنت بصدد أن تصف الألوان أو الفن أو الجمال لشخص كفيف، فاعتمد على حواس أخرى غير البصر لتساعده في التعرف على الألوان. فمثلا حواس اللمس والشم وحتى السمع تستطيع تغذية شعور الكفيف بالألوان فيدركها ببصيرته.
إدراك الألوان
على سبيل المثال، ترى الناقدة الأدبية راشيل شوغر في مقالها عن “إدراك الكفيف للألوان”، أنه قد يمكن معرفة اللون البني عبر حاسة اللمس، بأن نساعد الكفيف على لمس لحاء الشجر أو أوراقها وحتى النباتات الميتة، واستشعار بنية تلك العناصر فيستشعر بالتبعية ما هو اللون البني.
نفس الأمر بالنسبة للون الأحمر، إذا كان الشخص الكفيف قد تعرض لأي حرق في حياته، اشرح له أن الإحساس بهذا الحرق هو حرارة اللون الأحمر، وأن كل ما يطلق عليه نار ويشعر إذا اقترب منه بدفء وسخونة، يكون هذا إحساس اللون الأحمر.
وبالنسبة للأخضر، ساعده على استشعار فكرة أن الأخضر هو سريان الحياة، فأوراق الأشجار والنباتات عندما تكون ناعمة وطرية يكون هذا ملمس اللون الأخضر المفعم بالحياة. ولكن عندما تكون الأوراق مقرمشة وجافة فقد تحولت إلى اللون البني.
أما بخصوص اللون الأزرق فترى الباحثة في علم النفس بريانا ستيوارت من جامعة شيكاغو، أن هذا اللون أسهل الألوان التي يمكن وصفها لشخص كفيف، لأنه يمكن الشعور به في حالة الصفاء الذهني والاسترخاء، وفي برودة الماء السائل على اليدين، وفي صوت البحر ورائحته، وفي النسيم البارد الذي يداعب وجوهنا في بداية كل صباح، وحتى في كوب ماء بارد عندما نشعر بالعطش.
كذلك، فإن الأزرق الغامق هو لون الكآبة والحزن والرغبة في البكاء.
ويمكن وصف اللون الأصفر بأنه رائحة الأغطية والأقمشة إذا وضعت في الشمس لفترة. فرائحة الشمس عندما تفوح من أغطية الأسرة أو الملابس هي اللون الأصفر والبرتقالي. كما أن الدفء اللطيف الذي نشعر به عند الجلوس في الشمس غير الحارقة يكون هو اللون الأصفر أو البرتقالي.
ماذا لو غاب الخيال؟
هكذا يمكن أن نصف الألوان لشخص كفيف فقد حاسة البصر عبر الاعتماد على الحواس الأخرى لإدراك مكونات البيئة واستشعار اللون من ملمس ورائحة وحتى صوت كل مكون منهم.
لكن ماذا إذا كان هذا الشخص الكفيف لا يستطيع حتى عبر اللمس والشم والسمع تخيل ماهية اللون؟ في هذه الحالة يمكن الاعتماد على المشاعر كليا لمساعدة الكفيف على فهم واستشعار الألوان.
في ورقة بحثية بعنوان “العلاقة بين اللون والعاطفة”، تشرح الدكتورة ناز كايا من كلية علوم الأسرة في جامعة جورجيا، أن الألوان ترتبط في الذهن كثيرًا بحالات نفسية أو عاطفية معينة.
ويمكن مساعد الشخص الكفيف على استشعار لون ما عبر ربط كل لون بشعور معين، فالألوان مليئة بالرمزية.
الألوان الحارة مثل الأحمر، تستقر في الذهن كلون الغضب والتقاتل والخلاف مع أي شخص. أما البرتقالي فهو الشعور بالراحة الجسدية نتيجة الحصول على قدر كاف من الطعام والشراب والأمان والدفء، بينما اللون الأصفر هو الشعور بالثقة والانتصار.
اللون الأخضر -وفقا لنفس الدراسة- هو الشعور بالانتعاش الذي نشعر به بعد احتساء المشروبات المثلجة خاصة بالنعناع والآيس كريم.
والأزرق هو الشعور بالبرودة والهدوء والاسترخاء، في حين أن اللون الأرجواني هو الشعور الذي نشعر به في خضم الأحلام.
وعليه فإن الأبيض هو لون السلام والنظافة، والأسود هو الشعور بالظلم والموت والأحداث المأساوية، والكحلي هو الشعور بالكآبة والرغبة في البكاء.
المصدر : الجزيرة
التعليقات مغلقة.