من عجائب المطبخ الإيراني.. صحن “سوراغ” بالتراب الأحمر
ربما سمع كثير منا عن بعض المأكولات الغريبة في المجتمعات البشرية في العالم كالصين والهند الذين لهم عادات طبخ متنوعة وعجيبة لا تتقبلها المجتمعات العربية، لكن لا أحد منا قد سمع عن الأطعمة الغريبة في إيران. ويتنقل التراب من مكانه الطبيعي إلى صحون الزوّار في منطقة الساحل الجنوبي الإيراني (الشاطئ الخليجي منها) ليصبح طعاماً فعلياً يعشقه الكثيرون، وينتشر في جزر قشم وهرمز ومدن بندر عباس وبندر خمير طعام غير مألوف يعرف باسم “سوراغ” مكوّن من التراب الأحمر يسمى كِلَك (Gelak).
ويضاف إلى التراب الأحمر عند الطهي الأسماك الصغيرة كالسردين وبعض الماء والملح والبصل وقشر الليمون، ويتم استخدامه كنوع من الصلصة مع الأرز والمجبوس أو يخلط مع قليل من الزيت ويُقدم بجانب الخبز والبصل والخضراوات وكوب من الشاي.
قوس قزحيعتبر التراب الأحمر المستخدم في السوراغ من الأتربة الخاصة الموجودة في جزيرة هرمز (في الخليج) التي تمتاز بتكوينها الجيولوجي الاستثنائي، وتنوع ألوان ترابها التي أُطلق عليها سكان بجزيرة أقلام التلوين أو قوس قزح.
- Advertisement -
وذكرت العديد من الكتب القديمة عن أنواع الأتربة الصالحة للأكل، ونصح الأطباء القدامى بتناول الطين الأرمني والطين الخراساني بنسب قليلة ولفترة وجيزة لأغراض علاجية، ويعتبر التراب الأحمر النوع الوحيد الذي يمكن استخدامه لسنوات طويلة بدون أن يسبب للشخص أي أعراض جانبية.
ورغم أنه لم تصدر أي نتائج معتمدة عن فوائد أو أضرار للتراب الأحمر، فإن سكان الساحل ظلوا يستخدمونه في أطعمتهم منذ سنوات طويلة دون أن تظهر أي حالة مرضية تثير الشكوك حوله.
- Advertisement -
ويقول محمد بازماندكان أحد سكان جزيرة قشم “نأكل السوراغ بصفة متكررة، وجدي أخبرني عن استخدام أسلافنا التراب الأحمر في إعداد صلصة تُعتبر الأكثر انتشارا في مناطقنا مقارنة بصلصة المهياوة”.
ماء السمك
المهياوة (ماء السمك) صلصة مختلفة عن السوراغ، وتستخدم في جنوب إيران وبعض المناطق في دول الخليج وتُعد أكثر انتشارا من السوراغ في المدن البعيدة عن جزيرة هرمز.
وتصنع المهياوة من الأسماك الصغيرة الجافة، ويتم إعدادها بإضافة الملح والماء وبعض البهارات إليها كحبوب الخردل والكمون والشمر والبصل وقشر الليمون الجاف، وتوضع مجتمعة في فخار مقابل الشمس لمدة شهر تقريبا ثم تستخدم الصلصة المتبقية بعد التخلص من بقايا شوك السمك وقشر الليمون والبهارات.وانتشرت أكلتا السوراغ والمهياوة في الجنوب الإيراني فتماهت مع بيئة المكان ومناخ وأمزجة سكانه، وظلت أهم الهدايا التي يرسلها سكان الجنوب إلى المغتربين في بلدان المهجر.
ولطالما ساهم الموقع الجغرافي للساحل الجنوبي الإيراني في استقبال الثقافات وتبادل العادات والتقاليد مع مختلف الأقوام القادمة من الدول العربية والهند والصين طوال القرون الماضية، وأثّرت هذه الباقة في تشكيل أسلوب حياة الناس وتقاليدهم وصولاً إلى مأكولاتهم المتنوعة.
وتجلّى الارتباط والتبادل الثقافي في مطبخ الساحل الجنوبي في البصمات التي تركها التجار الهنود الذين توافدوا إلى تلك المناطق، وفي البهارات والأطعمة الحارة المنتشرة هناك.
التعليقات مغلقة.