السيطرة على غضب الصائم.. الارتقاء الروحي وتمارين التنفس
يفقد المصور الصحفي في مديرية الإعلام الصحي بوزارة الصحة محمد زيتون السيطرة على أعصابه وهو صائم، مما يضطره في حالات الغضب الشديد إلى فقدان صوابه وتدخين سيجارة ثم الذهاب إلى النوم حتى موعد أذان المغرب.
يقول محمد للجزيرة نت إن “السيجارة تمنح الشعور بالهدوء وتخفف من التوتر، ويجنب النوم إزعاج الزوجة والأبناء الستة وهم صيام”.
ويستفز محمد السلوك السلبي من بعض الناس في الشارع، مما يدفعه إلى شراء كافة المستلزمات المنزلية الرمضانية في الصباح قبل الذهاب إلى العمل.
- Advertisement -
وبعد انتهاء الدوام يعود محمد إلى البيت ويشغل وقته بمساعدة زوجته الموظفة في تجهيز وجبة الفطور، وإذا لم يعجبه شيء فإنه لا يجادل بل يخرج من المطبخ كي تتصرف زوجته كما تشاء.
موقف مستفز
يتذكر أحمد (اسم مستعار) موقفا حدث معه قبل سنوات، حيث استفزه وهو يقود سيارته في شارع مزدحم منظر شابين يدخنان ويستمعان إلى الأغاني بصوت مرتفع قبل موعد الإفطار بنصف ساعة.
أوقف أحمد سيارته في منتصف الشارع، وتوجه إلى الشابين اللذين هربا عندما شاهدا المسدس في يده.
ويوضح أحمد للجزيرة نت أن “الشعور بالخجل من رد فعله وسلوكه في ذلك اليوم جعله يقسم على بيع المسدس المصرّح له بامتلاكه بحكم طبيعة عمله، وذلك بسبب خوفه مما لا تحمد عقباه”.
السيطرة على الانفعال تتطلب من أحمد العدّ إلى العشرة والإكثار من الاستغفار، مما يمنح نفسه الهدوء بسرعة.
ويقدّر أحمد تفهم زوجته لانفعاله المؤقت، ويرى أن الزوجة الذكية هي التي تتعامل بذكاء مع غضب زوجها.
أثر الصيام
تؤكد الدراسات الطبية أن الصيام يزيد من هرمون السعادة (السيروتينين) وهرمون الرضا (أوكسيتوسين)، مما يؤثرعلى الناحية الجسدية والسلوكية بصورة إيجابية.
وعن الأسباب الفسيولوجية التي تزيد من الغضب، يبين الدكتور محمد بشناق -استشاري الأمراض الباطنية والرعاية التلطيفية- للجزيرة نت أن “للماء دورا مهما في عمل الدماغ، ويسبب نقص الماء خلال ساعات الصيام اضطرابا في وظائف خلايا الدماغ وإفراز مواد تزيد من التوتر وضعف التركيز”.
- Advertisement -
كما أن نقص الجلوكوز -الذي يحصل عليه الجسم من الطعام- يزيد من الانفعال والعصبية، لأن الدماغ يستخدم الجلوكوز في إنتاج الطاقة للجسم.
ومن الممكن التعامل مع ظاهرة فقد السيطرة على الأعصاب أثناء الصيام من خلال الحرص على نيل قسط كاف من النوم، والاعتدال في تناول الكربوهيدرات والحلويات، والتركيز على السوائل والفيتامينات والبروتين، بالإضافة إلى ممارسة المشي لمدة نصف ساعة يوميا.
الذكاء العاطفي
يتحكم الذكاء العاطفي في تمرير العواطف إلى الدماغ، مما يجعل الفرد مدركا لحالته الانفعالية ومسيطرا على ردود أفعاله التي تكون في العادة تلقائية.
وعن ذلك تقول مدربة تطوير الذات فداء الحديدي -للجزيرة نت- إن “الذكاء العاطفي مهم، حيث إنه يُعرّف الشخص في نفس اللحظة على رد فعله غير الإرادي والذي يتجلى في تأهب قبضة اليد للضرب، وشد عضلات الوجه والجسم، وسرعة ضخ الدم، وغيرها من المظاهر الجسدية التي تعكس الشعور بالغضب”.
ويستطيع الإنسان استغلال وعيه وإدراكه للحالة التي يمر بها في التخفيف من الضجيج الداخلي الذي يسببه الغضب، من خلال تمارين التنفس العميقة التي تساعد في ارتخاء عضلات الوجه والجسم، وتمنح الشخص الشعور بالهدوء.
كما أن من الضروري إعطاء المبررات لتقبل تصرف الشخص الذي يثير الغضب حتى إن كانت افتراضية، كي نتعامل معه بحكمة وتروي.
حاجة الصائم
هناك حاجة غير مشبعة لدى الصائم، مسؤولة عن زيادة انفعاله وفق ما يقول الخبير النفسي والتربوي الدكتور عاطف شواشرة، رئيس جمعية العلوم النفسية، في حديث للجزيرة نت.
ويرى شواشرة أن الشعور بالسعادة يتأثر أثناء الصيام بالحرمان من تناول الطعام والتوقف عن الممارسات الخاطئة، مثل تناول الكافيين الموجود في الشاي والقهوة والتدخين، وهو ما يسمى بالإدمان النفسي.
ويقود الحرمان إلى العصبية وعدم القدرة على الصبر وتحمل المثيرات الضاغطة، وخاصة خلال الأسبوع الأول من الشهر الكريم.
كيف تتجنب العصبية؟
ولتجنب العصبية ينصح الدكتور عاطف الجميع بالارتقاء والتسامي بالدوافع الروحية، وإعطاء الصيام معناه الروحي والحقيقي، وإعادة البناء المعرفي لمفهوم الصيام والحكمة منه.
بالإضافة إلى أهمية ممارسة تمارين التنفس العميق إلى جانب آليات الاسترخاء العضلي والتفريغ الانفعالي.
ويستطيع الإنسان ضبط نفسه من خلال التدرب على إدارة الضغوط والانفعالات، وعلى التريث لبعض الوقت والتفكير قبل التصرّف أو الكلام، وعلى التعبير عن شعوره بنبرة صوت قوية من غير صراخ.
التعليقات مغلقة.