كيف كان الكون قبل الانفجار الكبير؟
يعتبر التضخم الكوني -القائلة إن الكون شهد في مرحلة مبكرة جدا من بدايته فترة توسع في ظرف وجيز- إحدى أكثر النظريات انتشارا لتفسير نشأة الكون.
لكن بعض العلماء يرون أنها مرنة جدا وغير دقيقة وتستوعب سيناريوهات عديدة مما يجعلها مستعصية على الإثبات. لذلك اقترح فريق من العلماء اختبارا جديدا لإثبات صحة هذه النظرية وصحة نظريات أخرى حول نشأة الكون بهدف الإجابة عن أحد أكثر الأسئلة إثارة بالفيزياء الفلكية وهو: كيف كان الكون قبل الانفجار الكبير؟
نظرية التضخم ومنتقدوها
تفترض نظرية التضخم أن الكون شهد فترة توسع هائل خلال جزء صغير من الثانية مباشرة بعد الانفجار الكبير. وقد ساعدت هذه النظرية في حل عديد الألغاز حول بنية الكون وتطوره.
فعلى سبيل المثال، قدمت هذه النظرية تفسيرا منطقيا لتركيبة الكون، ووضحت أسباب نشأته. وافترضت نظرية التضخم أن الكون بدأ باعتباره تفردا ونقطة كانت كثافة المادة والطاقة فيها لا نهائية وفيها ينحني فضاء الزمان والمكان إلى ما لا نهاية، وهذا يعني أن لا شيء كان موجودا قبل الانفجار الكبير، ولا حتى الزمن.
ويجادل منتقدو نظرية التضخم بأن الأمر يتطلب ظروفا غير محتملة لبدء الكون، كما أن هذه نظرية مرنة للغاية وتستوعب سيناريوهات عديدة وتجعل كل شيء ممكنا.
“ يجادل منتقدو نظرية التضخم بأن الأمر يتطلب ظروفا غير محتملة لبدء الكون، كما أن هذه نظرية مرنة للغاية وتستوعب سيناريوهات عديدة وتجعل كل شيء ممكنا “ |
وقد طور العلماء نماذج كونية أخرى مختلفة للغاية تحل نفس الألغاز الكونية التي تفسرها نظرية التضخم. إذ يشير نموذج كوني آخر إلى أن الكون الحالي وُلد من “ارتداد كبير” حدث بعد انهيار كون بدائي سابق. ويمكن لهذا النموذج، مثله مثل نموذج التضخم، أن يشرح لماذا يبدو الكون كما هو الآن.
اختبار للحسم
للمساعدة في الحسم بين نظرية التضخم والنظريات الأخرى، اقترح فريق من علماء الفيزياء من مركز الفيزياء الفلكية هارفارد وسميثسونيا وجامعة هارفارد اختبارا لمعرفة ما إذا كانت هذه الأفكار خاطئة أم صحيحة.
ويتمثل هذا الاختبار في البحث بأرجاء الكون عن وجود أثر “الساعة القياسية البدائية” وهي عبارة عن جسيمات ثقيلة افترضت وجودها النظريات التي تقول بوجود كون سابق لكوننا.
ويشرح الباحث المشارك بالدراسة “زهونغ زهي شيان يو” من جامعة هارفارد هذه الفكرة بقوله: إذا كان الكون البدائي موجودا قبل عالمنا -حسب نظرية الارتداد الكبير- فإن فهمنا الحالي للفيزياء يشير إلى وجود جسيمات ضخمة كانت ستتأرجح وفق ترددات منتظمة مثل بندول الساعة.
وكانت اهتزازات هذه “الساعات القياسية البدائية” قد أدت إلى حدوث اضطرابات طفيفة في كثافة المادة من حولها على مستويات ضيقة تحولت إلى نواة لهياكل (أجرام) في كوننا الحالي بعد توسعه.
ويضيف الباحث حسب بيان لمركز الفيزياء الفلكية بهارفارد “إذا تخيلنا أن كل المعلومات التي نعرفها حتى الآن بشأن ما حدث قبل الانفجار الكبير موجودة على شريط سينمائي، فإن الساعة القياسية ستخبرنا في أي اتجاه يتعين عرض هذا الفيلم وبأية سرعة”.
وقام الفريق بحساب الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها هذه الإشارات الصادرة عن الساعة القياسية في النظريات غير التضخمية، واقترح طريقة للبحث عنها في عمليات الرصد الفيزيائية الفلكية.
وقال شيان يو “إذا تم العثور على نمط من الإشارات التي تمثل الكون المتعاقد، فسيؤدي ذلك إلى دحض نظرية التضخم بأكملها” مما يعني أن كونا بدائيا كان موجودا سابقا، وأدت عملية انكماشه لارتداد كبير نشأ على إثره كوننا الحالي قبل نحو 13.8 مليار عام.
التعليقات مغلقة.